كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)
لفظ السماء ومنها السماء الدنيا في القرآن الكريم يختلف عن لفظ السماوات، فالأول يعني الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض، وأحيانا يعني سماء المنظومة الشمسية. بينما السماوات والسماوات العلا تعني الطبقات الأعلى والأعلى. يقول ابن كثير رحمه اللّه في تفسيره:
وقوله جعلنا السماء سقفا محفوظا أي على الأرض وهي كالقبة عليها كما قال والسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)، (الذاريات: 47) .. وقال والسَّماءِ وما بَناها (5)، (الشمس: 5) .. وقال أيضا أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وزَيَّنَّاها وما لَها مِنْ فُرُوجٍ (6)، (ق: 6). والبناء هو نصب القبة كما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ((بني الإسلام على خمس)) أي خمس دعائم وهذا لا يكون إلا في الخيام كما تعهده العرب محفوظا أي عاليا محروسا ان ينال، وقوله وهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (32)، كقوله وكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (105)، (يوسف: 105). أي لا يتفكرون فيما خلق اللّه فيها من الاتساع العظيم والارتفاع الباهر وما زينت به من الكواكب الثوابت والسيارات في ليلها ونهارها من هذه الشمس التي تقطع الفلك بكماله في يوم وليلة فتسير غاية لا يعلم قدرها إلا اللّه الذي قدرها وسخرها وسيرها.
يقول القرطبي رحمه اللّه في تفسيره للآية الكريمة، أي محفوظا من أن يقع ويسقط على الأرض دليله قوله تعالى ... ويُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (65)، (الحج: من الآية 65). وقيل محفوظا بالنجوم من الشياطين، قال الفراء دليله قوله تعالي: وحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (17)، (احجر: 17).
وقيل محفوظا من الهدم والنقص، وعن أن يبلغه أحد بحيلة وقيل: محفوظا فلا يحتاج إلى عماد. وقال مجاهد: مرفوعا. وقيل: محفوظا من الشرك والمعاصي وهم" يعني الكفار" عن آياتها معرضون. قال مجاهد يعني الشمس والقمر. أضاف الآيات إلى السماء لأنها مجعولة فيها، وقد أضاف الآيات إلى نفسه في مواضع، لأنه الفاعل لها بين أن المشركين غفلوا عن النظر في السموات وآياتها، من ليلها ونهارها، وشمسها وقمرها، وأفلاكها