كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)

أشعة الشمس، فإذا كانت الشمس عمودية على رأس الشخص فإن الظل يلبس الجسم ولا يظهر له أي ظل ويمكن رؤية ذلك بوضوح عند خط الاستواء في 21 آذار و22 أيلول إذ تكون الشمس عمودية على رأس الشخص فلا يظهر له أي ظل بل يقال في الاصطلاح العلمي أن الظل قد لبس الشخص نفسه ويكون ذلك في وقت الظهيرة. أما إذا تواجد الشخص على أي خط عرض آخر بعيد عن خط عرض الشمس فإن ظل الظهيرة يكون له قيمة ويطلق عليه اصطلاح أقصر ظل عن ذلك اليوم، ويعتبر علميا الليل الذي نراه في نصف الكرة الأرضية ما هو إلا ظل وجه الأرض المقابل للشمس على نصف الأرض البعيد عن الشمس، ولننتبه إلى ما جاء في سورة الفرقان في الآيتين 45 و46 إذ قال اللّه عزّ وجلّ:
أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ولَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (45) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (46).
تدعونا هذه الآية الكريمة أن نرى صنع اللّه الذي أتقن كل شيء صنعه، بينما الظل الذي خلقه وخلق أسبابه ومده ولو شاء سبحانه لغير في أسبابه فجعله ساكنا لا يتحول ولا يزول كما يحدث في بعض كواكب المجموعة الشمسية، فالكوكب عطارد أقرب الكواكب إلى الشمس حيث يقابلها بوجه واحد فقط إذ يكون النهار سرمديا أبديا وليله ليلا أبديا أي سرمديا ومن ثم يكون فيه الليل ثابتا وساكنا، هذا ما جاء به العلم الحديث ليوضح لنا بعض نظريات الظل. ويكون الظل أنواعا فيوجد ظل الشجرة وهو أجمل أنواع الظل، فالشجرة بما فيها من فروع ورقية تعمل بمثابة مرشح لدرجة حرارة الشمس فيكون ظلها ظليلا، وقد أشار اللّه تعالى في سورة النساء الآية 57 إلى ذلك بقوله تعالى ونُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)، أي ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا، وقد أشار الحديث الشريف إلى ذلك: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها - شجرة الخلد»، كما أنه يوجد ظل السحب البيضاء التي تحجب أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض وتعمل السحب عمل المظلة البيضاء مع الفارق فيما صنعه الإنسان بأنه ليس له صفة امتصاص الأشعة الشمسية بينما ما صنعه اللّه من الغمام والسحب البيضاء له خاصية امتصاص الأشعة الشمسية إذ لا يصل إلى الإنسان إلا ما يحتاجه من ضوء وحرارة هادئة، وقد أشار اللّه تعالى إلى السحاب الأبيض في سورة البقرة الآية 57 بقوله تعالى: وظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ ... ، والآية 210 إذ قال جل وعلا:
فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ .... وكذلك في سورة الأعراف، إذ قال اللّه تعالى: ... وظَلَّلْنا

الصفحة 79