كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 3)

عَلَيْهِمُ الْغَمامَ ... ، (من الآية 160)، وسحب الصيف البيضاء حينما تأتي من اللّه عزّ وجلّ رحمة لبني البشر يجب أن نفكر فيم خلقها اللّه تعالى؟، ليخفف عن البعض بظلال من الغمام بينما يترك الآخرين في سعير الحر اللافح القاتل، والجميع يعرف أنه توجد ضربة شمس تقتل الإنسان والحيوان وتحرق الغابات وتهلك الزرع إذ تصل الحرارة فيها إلى ما يزيد على خمسين درجة مئوية وتقابلها أيضا ضربة ظل الناتجة عن ظل المباني أو ظل أي جسم صناعيا وهو لا يغني ولا يحمي، ومن ثم يموت بعض الأشخاص أيضا من ضربة الظل الصناعي مثلها في ذلك مثل ضربة الشمس وإن كانت أقل قليلا في درجة حرارتها. أما السحابة البيضاء التي تعمل في ظل من الغمام فإنها مثل سحابة الصيف المعروفة لا تمطر ولكنها تمتص جزءا من الأشعة الشمسية أثناء مرورها من خلالها فيكون الظل الذي وضعه الخالق بنظرية علمية لتستفيد منه مخلوقات كوكب الأرض. تمر علينا بعض آيات اللّه الكونية من دون أن ننتبه أنها تخضع إلى نظرية الظل، فمثلا خسوف القمر ما هو إلا سقوط ظل كوكب الأرض على القمر بطريقة علمية دقيقة إذ تحدث ظاهرة الخسوف القمري عند ما تقع مراكز الشمس والأرض والقمر على خط مستقيم شبه الظل للأرض والخسوف الكلي في منطقة الظل الكامل للأرض. وقد استدل العرب الأوائل على كروية كوكب الأرض من خلال ظاهرة الخسوف القمري حيث يقع الظل على سطح القمر في صورة معينة لو كان للأرض أي شكل هندسي غير كروي لما حدث التقاطع على سطح القمر في شكل خط مستقيم. أما كسوف الشمس فهو أن يقع ظل القمر على كوكب الأرض ويكون ظهور ذلك بوضوح في حالة الكسوف الكلي للشمس إذ ينطبق قرص الشمس حاجبا أشعة الشمس من الوصول إلى كوكب الأرض ولكن في منطقة لا تزيد مساحتها على 200 ميل مربع إذ يقع ظل القمر على سطح الأرض ويحدث إعتام كامل في سماء المنطقة وتظهر كأنها ليل إذ ترى النجوم والكواكب لامعة. بغض النظر عن أن هذا الوقت هو الظهيرة أو بعدها أو قبلها بثلاث ساعات فهذا بوقت الكسوف الكلي للشمس. وهكذا نرى أن ظل الأرض يحدث لنا خسوف القمر وجسم القمر يحدث ظلا للقمر على كوكب الأرض والظاهرتان تحدثان كل عام ولكن لا ننتبه لآيات اللّه الكونية، وجاءت إشارة في كتاب اللّه الكريم إذ قال تعالى: واللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا ... ، (النحل: من الآية 81).

الصفحة 80