كتاب مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع (اسم الجزء: 3)

العمل بمشورة النساء الصالحات
1 - جاء الملك جبريل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء فقال:
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، وأخبرها الخبر:
(لقد خشيتُ على نفسي) (¬1) فقالت خديجة: كلا والله ما يُخزيك الله أبدًا، إنك لَتصِل الرحم، وتحمِل الكَلَّ (¬2)، وتكسِب المعدوم، وتَقري الضيف، وُتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل (¬3) فقالت له خديجة يا ابن عم: اسمع مِن ابن أخيك، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبرَ ما رأى، فقال له ورقة:
هذا الناموس (¬4) الذي نزَل الله على موسى، يا ليتني فيها جَذعًا ليتني أكون حَيًا إذ يُخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ مخرجِيَّ هم؟ " قال: نعمٍ، لم يأتِ رَجل قط بمِثل ما جئتَ إلا عوديَ، وإن يُدركني يومك أنصرك نَصرًا مؤزرًا).
"رواه البخاري في كتاب بدء الوحي"
فأنت ترى أن خديجة شجعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإستمرار في الدعوة، وأن الله لا يتخلَّى عنه لما تعلم من الصفات الحسنة التي كان يتصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل مساعدة الضعيف، والفقير وإكرام الضيف، ومعاونة أصحاب النوازل والمصائب.
قال ابن حجر: وفي هذه القصة من الفوائد:
أ - استحباب تأنيس مَن نزل به أمر بذكر تيَسيره عليه، وتَهوينه لَدَيه.
ب - أن مَن نزل به أمرٌ استحب له أن يُطلِع عليه مَن يثق بنصيحته، وصِحة رأيه. "فتح الباري 1/ 125 "
أقول: حتى ولو كانت امرأة كخديجة، هذا من تكريم الإِسلام للمرأة.
2 - الشروط في عمرة القضاء: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه:
(قوموا فانحروا، ثم احلِقوا)، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث، مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سَلمَة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم حتى تنحر
¬__________
(¬1) خشيت على نفسي من المرض والموت.
(¬2) الكَل: الضعيف الذي لا يستقل بأمره.
(¬3) ورقة بن نوفل: كان على دين المسيح قبل أن يُبدل.
(¬4) الناموس: صاحب السر وهو جبريل -عليه السلام-.

الصفحة 358