كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

وَعَنْهُ لَا زَكَاةَ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى يُقْبَضَ، فَيَثْبُتُ الِانْعِقَادُ وَالْوُجُوبُ قَبْلَ الْحَوْلِ، قَالَ الْمَجْدُ: بِالْإِجْمَاعِ، مَعَ احْتِمَالِ الِانْفِسَاخِ، وَعَنْهُ تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فِي اعْتِبَارِ الْقَبْضِ فِي كُلِّ دَيْنٍ، إذَا كَانَ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ مَالٍ، أَوْ مَالٌ زَكَوِيٌّ عِنْدَ الْكُلِّ، كَمُوصًى بِهِ، وَمَوْرُوثٍ، وَثَمَنِ مَسْكَنٍ، وَعَنْهُ لَا حَوْلَ لِأُجْرَةٍ، فَيُزَكِّيهِ فِي الْحَالِ كَالْمَعْدِنِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِأُجْرَةِ الْعَقَارِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا نَظَرًا إلَى كَوْنِهَا غَلَّةَ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ، وَعَنْهُ أَيْضًا لَا حَوْلَ لِمُسْتَفَادٍ، وَذَكَرَهَا أَبُو الْمَعَالِي فِيمَنْ بَاعَ سَمَكًا صَادَهُ بِنِصَابِ زَكَاةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
الرَّابِعَةُ: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، فَلَا زَكَاةَ لِاشْتِرَاطِ السَّوْمِ فِيهَا، فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا، وَكَذَا الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ مَالًا زَكَوِيًّا؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ فِي الذِّمَّةِ فِيهَا أَصْلٌ أَوْ أَحَدُهَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " مِنْ صَدَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ " الْقَرْضَ، وَدَيْنَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَكَذَا الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ، أَوْ زَالَ، أَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، بِتَلَفِ مَطْعُومٍ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَيُزَكَّى الْمَبِيعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، أَوْ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِهِ، وَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ. وَيُزَكَّى أَيْضًا دَيْنُ السَّلَمِ إنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَثْمَانًا. وَيُزَكَّى أَيْضًا ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِمْ، وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: جَزَمَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِلْكٍ تَامٍّ مَقْبُوضٍ، وَعَنْهُ أَوْ مُمَيَّزٍ لَمْ يُقْبَضْ ثُمَّ قَالَ قُلْت: وَفِيمَا صَحَّ تَصَرُّفُ رَبِّهِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ، وَفِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَرَأْسِ مَالِ الْمُسْلِمِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِمَا،

الصفحة 19