كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الْمُؤَجَّلِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِهِ وَالْإِبْرَاءِ. وَشَمِلَهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا زَكَاةَ فِيهِ بِحَالٍ، صَحَّحَهَا فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ فِي غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ [وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ] وَاخْتَارَهَا ابْنُ شِهَابٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ.
وَقِيلَ: تَجِبُ فِي الْمَدْفُونِ فِي دَارِهِ، وَفِي الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ وَالْمُمَاطِلِ، وَجَزَمَ فِي الْكَافِي بِوُجُوبِهَا فِي وَدِيعَةٍ جَهِلَ عِنْدَ مَنْ هِيَ، وَعَلَيْهِ: مَا لَا يُؤْمَلُ رُجُوعُهُ: كَالْمَسْرُوقِ، وَالْمَغْصُوبِ، وَالْمَجْحُودِ: لَا زَكَاةَ فِيهِ. وَمَا يُؤْمَلُ رُجُوعُهُ كَالدَّيْنِ، عَلَى الْمُفْلِسِ: أَوْ الْغَائِبُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ فِيهِ الزَّكَاةُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذِهِ أَقْرَبُ، وَعَنْهُ إنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُؤَدِّي زَكَاتَهُ، فَلَا زَكَاةَ عَلَى رَبِّهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجْحُودِ، ذَكَرَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُزَكِّي ذَلِكَ كُلَّهُ إذَا قَبَضَهُ لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَجَزَمُوا بِهِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمُبْهِجِ: إذَا قُلْنَا تَجِبُ فِي الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ، فَهَلْ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " الْمَجْحُودُ " يَعْنِي سَوَاءً كَانَ مَجْحُودًا بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا أَوْ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ بِالْمَجْحُودِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: ظَاهِرًا.
فَوَائِدُ: مِنْهَا: لَوْ كَانَ بِالْمَجْحُودِ بَيِّنَةٌ، وَقُلْنَا: لَا تَجِبُ فِي الْمَجْحُودِ، فَفِيهِ هُنَا وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ [وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ: ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي] .

الصفحة 22