كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

أَحَدُهُمَا: تَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ [وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ] . الثَّانِي: لَا تَجِبُ. وَمِنْهَا: لَوْ وَجَبَتْ فِي نِصَابٍ بَعْضُهُ دَيْنٌ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ غَصْبٌ أَوْ ضَالٌّ وَنَحْوُهُ، فَفِي وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ مَا بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِ الدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَالضَّالِّ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. أَحَدُهُمَا: يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَا بِيَدِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، فَلَوْ كَانَتْ إبِلًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، مِنْهَا خَمْسٌ مَغْصُوبَةٌ أَرْضًا أَخْرَجَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بِنْتَ مَخَاضٍ.
وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ فَوَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ، وَمِنْهَا: لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ، أَخْرَجَ زَكَاتَهُ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَقَالَ: يُخْرِجُ زَكَاتَهُ بِالْحِسَابِ وَلَوْ أَنَّهُ دِرْهَمٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.
وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: لَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا، أَوْ يَصِيرُ مَا بِيَدِهِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ نِصَابًا، وَمِنْهَا: يَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّكَاةِ لِنَقْصِهِ بِيَدِهِ كَتَلَفِهِ، وَمِنْهَا: لَوْ غُصِبَ رَبُّ الْمَالِ بِأَسْرٍ أَوْ حَبْسٍ، وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ: لَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ.

قَوْلُهُ {وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَاللُّقَطَةُ إذَا جَاءَ رَبُّهَا زَكَّاهَا لِلْحَوْلِ الَّذِي كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا} اللُّقَطَةُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا رَبُّهَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَالِ الضَّائِعِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا

الصفحة 23