كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

وَمَذْهَبًا، وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيهَا إذَا وَجَدَهَا رَبُّهَا لِحَوْلِ التَّعْرِيفِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ " الْخِرَقِيُّ " تَأْكِيدًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَوَائِدَ إذَا مَلَكَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ، بَعْدَ الْحَوْلِ، اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا وَزَكَّاهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مَدِينٌ بِهَا. وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي: لَا زَكَاةَ فِيهَا، نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَلَكَهَا مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِمِثْلِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا، فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ. انْتَهَى.
وَلِذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَكِنْ نَظَرًا إلَى عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِيهَا. انْتَهَى. فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: لَوْ مَلَكَ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ قَدْرَ عِوَضِهَا: زَكَّى عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: لَا؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ لَهَا، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ. وَإِذَا مَلَكَهَا الْمُلْتَقِطُ وَزَكَّاهَا فَلَا زَكَاةَ إذَنْ عَلَى رَبِّهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ بَلَى، وَهَلْ يُزَكِّيهَا رَبُّهَا حَوْلَ التَّعْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ، إذْ لَمَّا يَمْلِكُهَا الْمُلْتَقِطُ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ فِي الْمَالِ الضَّالِّ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ اللُّقَطَةَ وَقُلْنَا: لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ حَتَّى يَخْتَارَ بِهَا الضَّمَانَ فَتَثْبُتُ حِينَئِذٍ فِي ذِمَّتِهِ كَدَيْنٍ تَجَدَّدَ، فَإِنْ أَخْرَجَ الْمُلْتَقِطُ زَكَاتَهَا عَلَيْهِ مِنْهَا ثُمَّ أَخَذَهَا رَبُّهَا، رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخْرَجَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، إنْ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ رَبَّهَا زَكَاتُهَا، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لِوُجُوبِهَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ إذَنْ.

قَوْلُهُ {وَلَا زَكَاةَ فِي مَالِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُنْقِصُ النِّصَابَ} هَذَا الْمَذْهَبُ، إلَّا مَا اسْتَثْنَى، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ الزَّكَاةَ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ يَمْنَعُ الدَّيْنُ الْحَالُّ خَاصَّةً، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَغَيْرِهِ.

الصفحة 24