كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

فِي قَوْلِهِ " إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي تَصَدَّقْت مِنْ هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ " فَشَفَى، ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا: وَجَبَتْ الزَّكَاةُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِنِصَابٍ مُعَيَّنٍ، وَقِيلَ: أَوْ قَالَ: جَعَلْته ضَحَايَا، فَلَا زَكَاةَ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهَا إذَا تَمَّ حَوْلُهُ قَبْلَهَا. انْتَهَى.
وَلَوْ قَالَ " عَلَيَّ لِلَّهِ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا النِّصَابِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ " وَجَبَتْ الزَّكَاةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقِيلَ: هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ [وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعُ] فَعَلَى الْأَوَّلِ: تُجْزِئُهُ الزَّكَاةُ [مِنْهُ] عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَيَبْرَأُ بِقَدْرِهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا مَعًا، لِكَوْنِ الزَّكَاةِ صَدَقَةً، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ هَلْ يُخْرِجُهُمَا، أَوْ يُدْخِلُ النَّذْرَ فِي الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا؟ وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَوَجَبَ إخْرَاجُهُمَا مَعًا، وَقِيلَ: يُدْخِلُ النَّذْرَ فِي الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا مَعًا. انْتَهَى.

قَوْلُهُ {الْخَامِسُ مُضِيُّ الْحَوْلِ: شَرْطٌ، إلَّا فِي الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ} فَيُشْتَرَطُ مُضِيُّ الْحَوْلِ فِي الْأَثْمَانِ وَالْمَاشِيَةِ. وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: اشْتِرَاطُ مُضِيِّ الْحَوْلِ كَامِلًا، وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي، لَكِنْ ذَكَرَهُ إذَا كَانَ النَّقْصُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْفَى عَنْ سَاعَتَيْنِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ، قُلْت: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ أَقَلُّ مِنْ مُعْظَمِ الْيَوْمِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ: وَلَا يُؤَثِّرُ نَقْصٌ دُونَ الْيَوْمِ، وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ نِصْفِ يَوْمٍ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُعْفَى عَنْ يَوْمٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ، وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ يَوْمَيْنِ، وَقِيلَ: الْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ.

الصفحة 29