كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

إبْدَالُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخِرِ يَنْبَنِي عَلَى الضَّمِّ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: فِيهِ رِوَايَتَانِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٍ وَصَحَّحَهَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ. وَطَرِيقَةُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْمَجْدُ أَنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْقَطِعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالضَّمِّ.
تَنْبِيهٌ: حَيْثُ قُلْنَا " لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ " فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَهُ عِنْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَهُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلُهُ.
الثَّانِيَةُ: لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فِي أَمْوَالِ الصَّيَارِفَةِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُقُوطِهَا فِيمَا يَنْمُو، أَوْ وُجُوبُهَا فِي غَيْرِهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأُصُولُ تَقْتَضِي الْعَكْسَ، وَهَذَا أَيْضًا يَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ {إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ} ، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ إذَا قُصِدَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الْإِتْلَافِ أَوْ نَحْوِهِ الْفِرَارُ مِنْ الزَّكَاةِ لَمْ تَسْقُطْ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي مُفْرَدَاتِهِ، عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِالتَّحَيُّلِ. وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ كَمَا فِي بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، قُلْت: وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ وَأُصُولُهُ تَأْبَى ذَلِكَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: اشْتَرَطَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ قُرْبِ وُجُوبِهَا، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: عَدَمَ السُّقُوطِ إذَا فَعَلَهُ فَارًّا قِبَلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ، وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي: بِيَوْمَيْنِ أَوْ يَوْمٍ، وَقِيلَ: بِشَهْرَيْنِ، حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا لَمْ تَسْقُطْ.
وَسَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ، قَالَ: وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فَلِهَذَا

الصفحة 32