كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 3)

يُعْتَقُ بِذَلِكَ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي مَعَ قَوْلِهِ " إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ " وَقَوْلُ الْقَاضِي عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ، وَمِنْهَا: إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ مَالٌ، فَهَلْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ لِلْعَبْدِ أَمْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ بَنَاهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ، وَإِلَّا فَلَا، وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَالْمَجْدُ، وَمِنْهُمْ: مَنْ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ. وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ بِمَالِهِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ، انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ، لَمْ يَنْفَسِخْ، وَمِنْهَا: لَوْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ أَمَةً فَاسْتَوْلَدَهَا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ، فَالْوَلَدُ مِلْكُ السَّيِّدِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ، فَالْوَلَدُ مَمْلُوكُ الْعَبْدِ، لَكِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، حَتَّى يُعْتَقَ فَإِذَا أُعْتِقَ وَلَمْ يَنْزِعْهُ مِنْهُ قَبْلَ عِتْقِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ لِتَمَامِ مِلْكِهِ حِينَئِذٍ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
وَمِنْهَا: هَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُ السَّيِّدِ فِي مَالِ الْعَبْدِ دُونَ اسْتِرْجَاعِهِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ، صَحَّ بِغَيْرِ إشْكَالٍ، وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُ السَّيِّدِ رَقِيقَ عَبْدِهِ، قَالَ الْقَاضِي: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَجَعَ فِيهِ قَبْلَ عِتْقِهِ، قَالَ: وَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَلِأَنَّ عِتْقَهُ يَتَضَمَّن الرُّجُوعَ فِي التَّمْلِيكِ، وَمِنْهَا: لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ. فَنَصَّ أَحْمَدُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، فَقِيلَ: ذَلِكَ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، فَأَمَّا إنْ قِيلَ: إنَّهُ يَمْلِكُ، فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْمُكَاتَبِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ [وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ الْوَقْفِ] .
وَمِنْهَا: وَصِيَّةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ: صَحَّ وَعَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْمَالِ، وَيَكْمُلُ عِتْقُهُ مِنْ بَقِيَّةِ

الصفحة 9