كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

من ربنا!! ويقول: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: آية 50] فجعل الهدى بخصوص الوحي لا بخصوص المقاييس.
ويقول: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله} [المائدة: آية 49] والمقاييس لم تكن مما أنزل الله. ويقول: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: الآيات 44، 45، 47] والقياس لم يكن مما أنزل الله، ويأتي بنحوها الآيات من هذا بشيء كثير جدّاً، ويقول: إن القياس لا يفيد إلا الظن، والله يقول: {إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً} [يونس: آية 36] وفي الحديث: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ» (¬1). ويقول: إن كل ما لم يأتِ بنص من كتاب أو سنة لا يجوز البحث عنه [لأنه عفو] (¬2).
ومن ذلك: أن الله حرم أشياء، وأحَلَّ أشْيَاءَ، وَسَكَتَ عَنْ أشْيَاء لا نسياناً رحمة بكم فلا تسألوا عنها (¬3)، وفي حديث: «مَا سَكَتَ اللهُ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ» (¬4). ويقول: إن ما لم يأتِ في كتاب ولا سنة فالبحث
¬_________
(¬1) مضى تخريجه عند تفسير الآية (79) من سورة البقرة.
(¬2) في هذا الموضع انقطاع في التسجيل. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها المعنى.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (145) من سورة الأنعام.
(¬4) الترمذي في اللباس، باب ما جاء في لبس الفراء، حديث رقم (1726)، (4/ 220)، وقال: «وفي الباب عن المغيرة، وهذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وروى سفيان وغيره عن سليمان التميمي عن أبي عثمان عن سلمان قوله، وكأن الحديث الموقوف قوله، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أراه محفوظاً ... » إلخ. وابن ماجه في الأطعمة، باب أكْلِ الجُبْنِ والسّمن. حديث رقم (3367)، (2/ 1117)، والبيهقي (10/ 12)، والحاكم (4/ 115)، والعقيلي (2/ 174)، وهو في صحيح ابن ماجه (2715)، وصحيح الترمذي (1410)، وغاية المرام (2، 3)، والمشكاة (4228)، عن سلمان (رضي الله عنه)، وأخرجه الحاكم (2/ 375)، والبزار (كما في كشف الأستار (1/ 79، 3/ 58) من طريق عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء (رضي الله عنه) مرفوعاً. وقال البزار في الموضع الأول الذي خرَّج فيه هذا الحديث: «إسناده صالح» اهـ وقال في الموضع الآخر: «لا نعلمه يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، وعاصم بن رجاء حدَّث عنه جماعة، وأبوه روى عن أبي الدرداء غير حديث، وإسناده صالح ... » اهـ وقال الهيثمي (1/ 121): «إسناده حسن ورجاله موثقون» اهـ وانظر (7/ 55)، وهدا الإسناد منقطع؛ لأن رجاء لم يلق أبا الدرداء كما نبه عليه الحافظ في التهذيب (3/ 230) والله أعلم. والحديث أخرجه أيضاَ العقيلي (2/ 174) عن الحسن مرسلاً. وعقبه قوله: «هذا أولى» اهـ كما أخرجه ابن عدي في الكامل عن ابن عمر (رضي الله عنهما) مرفوعاً، وضعَّف إسناده.

الصفحة 124