كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

مشوشات الفكر، فيدخل في حكمه ما لو كان في .. ]. حزن مُفْرِط يذهل عقله، أو فرح شديد مُفْرِط يدهش عقله، أو في عطش شديد مُفْرِط يدهش عقله، أو في جوع شديد مُفْرِط يدهش عقله، ونحو ذلك من [4/ب] مشوشات الفكر التي هي أعظم من الغضب/ فليس في المسلمين من يعقل أنه يقال للقاضي: احكم بين الناس وأنت في غاية تشويش الفكر بالجوع والعطش المُفْرِطَين، أو الحزن والسرور المُفْرِطَين، أو الحَقْن والحَقْب المُفْرِطَين، أو الحزن، والحقن: مدافعة البول، والحقب: مدافعة الغائط؛ لأن الإنسان إذا كان يدافع البول أو الغائط مدافعة شديدة كان مَشَوَّش الفكر، مشغول الخاطر، لا يمكن أن يَتَعَقَّل حججَ الخصوم؛ فمثل هذا إذا قال العلماء: إن القاضي لا يجوز له أن يحكم وهو مُشَوَّش الفكر. فنعلم أن قول ابن حزم أنهم إنما جاءوا بتشريع جديد أنه كَذِبٌ، وأن حديث: «لاَ يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان» (¬1)
يدل على أن من كان فكره متشوشاً تشويشاً أشد من الغضب أولى بالمنع من هذا الحكم.
وكذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن التضحية بالشاة العوراء (¬2) لا نقول: إن العلماء ما نهوا عن التضحية بالشاة العمياء أن العمياء مسكوت عنها، وما سكت الله عنه فهو عفو، فله أن يضحي بالعمياء. هذا مما لا يقوله عاقل!!
وكذلك قال الله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: آية 4] ولم يصرح في الآية إلا بأن يكون القاذف ذكراً والمقذوفة أُنثى، فلو قذفت
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (50) من سورة الأنعام ..
(¬2) السابق.

الصفحة 132