كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)
الزِّينَةِ التي يتناولها ظاهر الآية الكريمة (¬1). مع القطع بأنها نازلة في عدم العُرْيِ وستر العورات عند الطواف والصلوات.
وهي دليل واضح على أن الطواف لا يَصِحّ مِنَ العُرْيَان كما عليه جمهور العلماء، وأن الصلاة أيضاً لا تَصِحُّ مَعَ كشْفِ العَوْرَةِ خلافاً للإمام أبي حنيفة - رحمه الله - في الطواف (¬2). ويؤيد معنى ما دلت عليه الآية قوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسل عليًّا ينادي به: «وَأَلاّ يحج بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وألا يطُوفَ بالبيْتِ عُرْيَانٌ» (¬3). وهذا معنى قوله: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: آية 31] أي: لا تأتوا الطواف مكشوفة عوراتكم، ولا تأتوا مساجد المسلمين مكشوفة عوراتكم كما كان يفعله المشركون في مسجد مكة؛ لأنا ذكرنا عن ابن عباسٍ من طريق سعيد بن جبير كما أخرجه مسلم في صحيحه (¬4) أن هذه الآية نزلت في أن المشركين كانوا يطوفون عراة، حتى إن المرأة لتقول:
اليومَ يَبْدُو بعضُه أو كُله ... فما بدا منه فلا أُحلُّه
¬_________
(¬1) انظر: ابن كثير (2/ 210).
(¬2) انظر: الكافي لابن عبد البر ص63، المجموع (3/ 165)، المغني (2/ 283).
(¬3) البخاري في الحج، باب: لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحج مشرك. حديث رقم (1622)، (3/ 483)، ومسلم في الحج، باب لا يحج البيت مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ... ، حديث رقم (1347)، (2/ 982)، من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه). وجاء من حديث علي (رضي الله عنه) عند الترمذي في التفسير، باب ومن سورة براءة. حديث رقم: (3091، 3092)، (5/ 275، 276).
(¬4) مضى تخريجه قريباً.