كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

الحلال كفارة يمين. ومالك وأصحابه قالوا: إن لم يكن الذي حَرَّمَه حلالاً غير الزوجة والأمة لا تلزمه يمين ولا يلزمه شيء.
وحجة من قال: إنه تلزمه يمين: أن الله لمَّا قال لنبينا صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا صلوات الله وسلامه عليه: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ} [التحريم: آية 1] وأصح الروايات أنه العسل، وإن جاء في روايات أخرى أنه جاريته (¬1). قال الله له بعد تحريم هذا الحلال: {قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: آية 2] فعُلم أن في تحريم الحلال كفارة يمين؛ لأن تحلة اليمين هي كفارته، وذلك يدل على أنَّ فيه كفارة يمين، خلافاً لمالك وأصحابه (¬2). أما إذا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ بأن قال: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام، أو علَّق تحريمها على شيءٍ ووقع. فللعلماء فيه اختلافات واضطربات كثيرة تزيد على ثلاثة عشر مذهباً معروفة في كلام العلماء (¬3)، أجراها عندي على القياس هو قول مَنْ قَال: إنه تلزمه كفَّارَة ظِهَار، هذا القول هو أقْرَبُهَا للقياس وظاهر القرآن العظيم؛ لأن الله نص في محكم كتابه في سورة المجادلة في امرأة أوس بن الصامت التي قال لها: أنت عليَّ كظهر أمي - (أنت عليَّ كظهر أمِّي) معناه بالحرف الواحد: أنْتِ حَرَامٌ- وقد جاء القرآن بأن في هذا اللفظ كفارة ظهار حيث قال: {والذين يظَّهَّرونَ من نسائهم}
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (28/ 155 - 159)، القرطبي (18/ 177 - 179 - 185)، ابن كثير (4/ 386)، فتح الباري (9/ 289، 376)، أضواء البيان (6/ 529).
(¬2) انظر: القرطبي (18/ 179 - 180).
(¬3) انظر: ابن أبي شيبة (5/ 72)، مصنف عبد الرزاق (6/ 399)، الاستذكار (17/ 36 - 48)، القرطبي (18/ 180 - 186)، أضواء البيان (6/ 523، 531 - 539).

الصفحة 161