كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)
وفي القراءة الأخرى: {يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} [المجادلة: آية 3] (¬1) إلى آخر خصال كفارة الظهار المعروفة في سورة المجادلة، فهذا القول أقيس الأقوال وأجراها على القياس، وأقربها لظاهر القرآن.
وكذلك قول مَنْ قَالَ: إنه يلزمه الاسْتِغْفَار وكفارة يمين، فيدل عليه ظاهر آية التحريم بناءً على أن الذي حرم صلى الله عليه وسلم: جاريته؛ لأن في بعض الأحاديث في قوله: {لِمَ تُحَرِّمُ} [التحريم: آية 1] أنَّ حفصة أم المؤمنين (رضي الله عنها) استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أهلها يومها فأذن لها، ثم دعا بجاريته في بيت حفصة؛ لأنه ذلك اليوم عندها وهو في بيتها، وكان بينه وبين الجارية ما يكون بين الرجل وامرأته، فرجعت حفصة ففطنت لما وقع، فغضبت وقالت: ليست لي حرمة، أفي بيتي وفي يومي يُفعل هذا؟! وأن النبي صلى الله عليه وسلم حرَّم الجارية إرضاءً لها (¬2).
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران ص431.
(¬2) كون ذلك وقع إرضاءً لحفصة جاء دلك في عدة روايات وبعضها مرسلة. فمن ذلك:
1 - ابن عباس عن عمر (رضي الله عنهما) عند ابن جرير (28/ 158)، والواحدي في أسباب النزول ص438، وعزاه في الدر (6/ 239) لابن المنذر. قال الحافظ في الفتح (8/ 657): «ووقعت هذه القصة مدرجة عند ابن إسحاق في حديث ابن عباس عن عمر ... » اهـ.
2 - عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عند ابن سعد (8/ 134)، وأورده السيوطي في الدر (6/ 239)، وعزاه لابن مردويه.
3 - عن أبي هريرة (رضي الله عنه). أورده السيوطي في الدر (6/ 240)، وعزاه لابن مردويه والطبراني في الأوسط، وضعفه الحافظ في الفتح (9/ 289)، وانظر تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (4/ 60)، والكافي الشاف ص175.
4 - عن أم سلمة (رضي الله عنها) عند ابن سعد في الطبقات (8/ 134).
5 - عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابن سعد (8/ 134).
6 - عن عروة بن الزبير عند ابن سعد (8/ 134).
7 - عن القاسم بن محمد عند ابن سعد (8/ 134).
8 - عن الضحاك عند ابن سعد (8/ 134)، وأورده السيوطي في الدر (6/ 240)، وعزاه لسعيد بن منصور وابن المنذر.
أما الروايات الدالة عموماً على أنَّ ذلك وقع في تحريمه صلى الله عليه وسلم جاريته فهي كثيرة، ومنها:
1 - عن أنس (رضي الله عنه) عند النسائي في عشرة النساء، باب الغيرة حديث رقم (3959)، (7/ 71)، والحاكم في المستدرك (2/ 493)، وقال: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي. وعزاه في الدر (6/ 239)، لابن مردويه، وقد صححه الحافظ في الفتح (9/ 376)، وقال: «وهذا أصح طرق هذا السبب» اهـ.
2 - عن ابن عباس (رضي الله عنهما). عند ابن جرير (28/ 157)، والطبراني في الكبير (11/ 86)، (12/ 117)، والبزار (زوائد البزار 3/ 76)، وعزاه السيوطي في الدر (6/ 239، 240، 241) للترمذي، وابن المنذر، وابن مردويه، وعبد بن حميد. وقد ضعفه ابن كثير في التفسير (4/ 390)، والحافظ في الفتح (9/ 289)، وانظر: مجمع الزوائد (5/ 178)، (7/ 126)، تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (4/ 59)، الكافي الشاف ص175.
3 - عن ابن عمر (رضي الله عنهما). أورده السيوطي في الدر (6/ 240)، وعزاه للضياء في المختارة، والهيثم بن كليب في مسنده. وقال ابن كثير في التفسير (4/ 386): هذا إسناد صحيح اهـ.
4 - عن عائشة (رضي الله عنها). ذكره الحافظ في الفتح (9/ 289)، وعزاه لابن مردويه.
5 - عن بعض آل عمر. ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (4/ 61)، والحافظ في الكافي الشاف ص175، وعزاه لابن أبي خيثمة في تاريخه، وابن إسحاق.
6 - عن الشعبي. عند ابن جرير (28/ 156)، وعزاه في الدر (6/ 240) لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن سعد.
7 - عن قتادة. عند ابن جرير (28/ 156، 158)، وابن سعد (8/ 134)، وعزاه في الدر (6/ 240) لعبد الرزاق وعبد بن حميد.
8 - عن زيد بن أسلم عند ابن جرير (28/ 155، 156)، وابن سعد (8/ 134)، وصحح الحافظ إسناده في الفتح (9/ 376).
9 - عن مسروق. عند ابن جرير (28/ 156)، وابن سعد (8/ 134)، وعزاه في الدر (6/ 240) لعبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وصحح الحافظ إسناده في الفتح (8/ 657).
10 - عن عبد الرحمن بن زيد. عند ابن جرير (28/ 156)، وعزاه في الفتح (9/ 289) لابن مردويه.
قال الحافظ في الفتح (8/ 657): «وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً» اهـ.