كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

[الحجرات: آية 11] {لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ} [الحجرات: آية 11] ثم إنه أوجب حد القذف ثمانين جلدة؛ زجراً ومحافظة على أعراض الناس، وهو قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)} [النور: آية 4] ثم جاء بالمحافظة على العقول فَحَرَّم شرب المسكر {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: آية 90] وقال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» (¬1) «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» (¬2) وأوجب حد شارب الخمر محافظة على العقول وصيانةً لها. وكذلك منع من انتهاك المال، واحترام الملكية الفردية حيث قال: {لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} [النساء: آية 29] وفي الحديث «لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ» (¬3).
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (45) من سورة الأنعام.
(¬2) السابق.
(¬3) ورد في هذا المعنى عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة بألفاظ متقاربة، منها:

1 - حديث أبي حرة الرقاشي عن عمه: أخرجه أحمد (5/ 72)، وأبو يعلى (3/ 139)، والدارقطني (3/ 26)، والبيهقي في السنن (6/ 100)، وفي الشعب (10/ 119 - 120)، والبزار (كشف الأستار 2/ 204)، وذكره الحافظ في الإصابة (1/ 362)، والهيثمي في المجمع (4/ 172)، وقال: «رواه أبو يعلى، وأبو حُرَّة وثقه أبو داود وضعفه ابن معين» اهـ. وانظر: الإرواء (5/ 279)، صحيح الجامع (7539).
2 - حديث أبي حميد الساعدي: أخرجه أحمد (5/ 425)، والبيهقي في السنن (6/ 100)، وفي الشعب (10/ 120)، والبزار (كشف الأستار 2/ 134)، وابن حبان (الإحسان 7/ 587)، والطحاوي في شرح المعاني (4/ 241)، ومشكل الآثار (4/ 41)، وذكره الهيثمي في المجمع (4/ 171)، وقال: «رواه أحمد والبزار ورجال الجميع رجال الصحيح» اهـ وانظر الإرواء (5/ 279).
3 - عمرو بن يثربي: رواه أحمد (3/ 423)، (5/ 113)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 332)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (979)، (2/ 287)، والدارقطني (3/ 25، 26)، والطحاوي في المشكل (4/ 42)، وفي شرح المعاني (4/ 241)، والبيهقي في السنن (6/ 97)، وذكره الهيثمي في المجمع (4/ 171)، وقال: «رواه أحمد وابنه من زياداته أيضاً، والطبراني في الكبير والأوسط ... ورجال أحمد ثقات» اهـ وانظر: الإرواء (5/ 280 - 281).
4 - ابن عباس: أخرجه الدارقطني (3/ 25)، والبيهقي (6/ 97)، وانظر: الإرواء (5/ 281).
5 - ابن عمر: أخرجه البيهقي (6/ 97).
6 - أنس: أخرجه الدارقطني (3/ 25، 26)، وانظر الإرواء (5/ 282).

الصفحة 180