كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

عارمٌ عزيزٌ في قومِه (¬1).
والعارمُ: شديدُ الشرِّ - وقالت له: إن أنتَ عقرتَ هذه الناقةَ أعطيتُك أَيَّ بَنَاتِي شِئْتَ. وكان عندها بناتٌ حِسَانٌ، ذواتُ جمالٍ، ويزعمونَ أن امرأةً منهم أخرى تُسَمَّى: صدقةَ أو صدوقَ (¬2) بنتَ الْمُحَيَّا، وكانت ذاتَ جمالٍ بارعٍ، وَكِلْتَا المرأتين لهما أغنامٌ وآبال وأبقارٌ كثيرةٌ، وكانت الناقةُ لِعِظَمِهَا إذا رأتها مواشيهم تَفِرُّ منها خوفًا منها، وكانت الناقةُ زمنَ الصيفِ تخرجُ عن حرِّ الوادي، فإذا رَأَتْهَا مواشيهم نَفَرَتْ منها واضطُرت إلى حرِّ الوادي، وإذا كان في الشتاءِ دَخَلَتِ الناقةُ في الوادي لِتَتَدَفَّأَ به، فنفرت منها مواشيهم، فتضرروا بذلك، وكانوا يتمنونَ عَقْرَهَا. وأكثرُ المفسرين يقولونَ: إن السببَ فيه هاتانِ المرأتانِ، وأنَّ قُدارَ بنَ سالفٍ - لَمَّا أَغْرَتْهُ الخبيثةُ عنيزةُ بنتُ غنمٍ - قَبَّحَهَا اللَّهُ - وَخَيَّرَتْهُ في بناتِها مع جَمَالِهِنَّ إن هو عَقَرَ الناقةَ - انتدبَ واحدًا من قومِه يُسَمُّونَهُ مصدعَ، وأن هذين الرَّجُلَيْنِ اتَّبَعَهُمَا سبعةٌ من قومِهم فصاروا تسعةً، وأنهم هم المذكورونَ في سورةِ النملِ: {وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ (48)} [النمل: أية 48] وأنهم ذهبوا إلى الناقةِ وَكَمِنُوا لها يومَ شُرْبِهَا عندما صَدَرَتْ من الماءِ، والمؤرخونَ يزعمونَ أنها لا يمكنُ أن تصدر من الفجِّ الذي جاءت منه لِعِظَمِهَا (¬3)؛ لأنها يصعب عليها أن تَنْثَنِيَ، فتطلع من فَجٍّ آخَرَ، فكمنوا لها وهي صادرةٌ
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في التفسير (تفسير سورة والشمس وضحاها) حديث رقم (4942) (8/ 705)، وأطرافه (3377، 4942، 5204، 6042).
(¬2) في البداية والنهاية (صدوق) (1/ 135)، وفي تفسير ابن جرير (12/ 531): (صدوف).
(¬3) انظر: تفسير ابن جرير (12/ 535)، البداية والنهاية (1/ 135).

الصفحة 515