كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

غايةِ الكفرِ والعنادِ: {يَا صَالِحُ} سَمَّوْهُ باسمِه وقاحةً منهم واحتقارًا وعدمَ حياءٍ.
{يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} قَرَأَ هذا الحرفَ عامةُ القراءِ: {يَا صَالِحُ ائْتِنَا} بتحقيقِ الهمزةِ. وقرأه ورشٌ عن نافعٍ وَالسُّوسِيِّ عن أبِي عمرٍو: {وقالوا يا صالحُ اوْتِنَا} (¬1) بإبدالِ الهمزةِ واوًا. أما إذا كان الوقفُ على {يَا صَالِحُ} فجميعُ القراءِ يقرؤونَ: {إيتنا بما تعدنا} بكسرِ الهمزةِ. فالقراءةُ في حالةِ الابتداءِ بـ {إيتنا} متفقٌ عليها إذا وَقَفْتَ فَقُلْتَ: {يَا صَالِحُ} قلتَ: في قراءةِ الجميعِ {إيتنا بما تعدنا} أصلُه {ائتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} أُبْدِلَتِ الهمزةُ الثانيةُ مَدًّا للأُولَى.
وَمَدًّا أَبْدِلَ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ ... كِلْمَةٍ إِنْ يَسْكُنْ كَآثِرْ وَائْتَمِنْ (¬2)
أما في الوصلِ فعامةُ القراءِ يقرؤون: {يَا صَالِحُ ائْتِنَا} بتحقيقِ الهمزةِ. وقرأَ ورشٌ عن نافعٍ، والسوسيُّ عن أبي عمرٍو: {يَا صَالِحُ اوتِنَا} بإبدالِ الهمزةِ واوًا. هذه قراءةُ السبعةِ في الوصلِ والوقفِ (¬3).
ومعنَى: {ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} هذا العذابُ الذي تَعِدُنَا به إن تَعَرَّضْنَا للناقةِ بسوءٍ؛ لأنك قلتَ لنا: {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فقد مَسَسْنَاهَا بسوءٍ، وهاتِ العذابَ الأليمَ الذي تَعِدُنَا به إن كُنْتَ من المرسلين، إن كنتَ رسولاً حقًّا فهاتِ العذابَ الذي
¬_________
(¬1) رُسمت في المصحف المكتوب على وفق رواية ورش عن نافع هكذا: {يَا صَالِحُ إيتِنَا} والنقطة أسفل همزة الوصل تدل على الابتداء بها مكسورة. وقد وُضعت الكسرة قبلها مكان الهمزة التي نُقلت حركتها للساكن قبلها وحُذفت للدلالة على الابتداء بهمزة مضمومة.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (53) من سورة البقرة.
(¬3) انظر: البحر المحيط (4/ 331)، الدر المصون (5/ 367).

الصفحة 531