كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

بمياههم، كُلُّ ذلك لا يجوزُ؛ لأنها أرضُ غضبٍ ملعونةٌ لا يجوزُ المقامُ فيها ولا الانتفاعُ بمائها.
ثم ذَكَرَ تعالى القصةَ الرابعةَ وهي قصةُ لوطٍ، قال: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} [الأعراف: آية 80] اختلفَ العلماءُ في وجهِ نصبِ {لُوطًا} في قولِه: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} على وَجْهَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ (¬1):
قال بعضُ العلماءِ: هو معطوفٌ على ما قبلَه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [الأعراف: آية 59] {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: آية 65] أي: وَأَرْسَلْنَا هودًا إلى عادٍ {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: آية 73] أي: وَأَرْسَلْنَا صالحًا إلى ثمودَ، وأرسلنا لوطًا أيضًا فقال لقومِه كذا وكذا.
وبعضُ العلماءِ يقولُ: هو منصوبٌ بـ «اذْكُرْ» محذوفًا. وَاذْكُرْ لوطًا حينَ قال لقومِه. وعليه يكونُ: {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} بدلُ اشتمالٍ من قولِه: {لُوطًا} كما قاله غيرُ واحدٍ.
ولوطٌ: هو لوطُ بنُ هارانَ ابنُ أَخِي إبراهيمَ.
والمؤرخونَ يزعمونَ أن أبا إبراهيمَ اسمُه (تارح) والقرآنُ صَرَّحَ بأن اسمَ أبيه (آزر) حيث قال: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ} [الأنعام: آية 74] ولا مانعَ من أن يكونَ له اسمانِ، أو اسمٌ وَلَقَبٌ (¬2). وهم يقولونَ: إن نَبِيَّ اللَّهِ لوطًا ابنُ أَخِي إبراهيمَ، وأنه لَمَّا أَنْجَى اللهُ إبراهيمَ من نارِ النمرودِ وسافرَ من سوادِ العراقِ مُهَاجِرًا إلى الشامِ أن لوطًا كان مِمَّنْ هَاجَرَ مع إبراهيمَ {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى
¬_________
(¬1) انظر: الدر المصون (5/ 370).
(¬2) مضى عند تفسير الآية (84) من سورة الأنعام.

الصفحة 539