كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

رَبِّي} [العنكبوت: آية 26] فَنَزَلَ إبراهيمُ فلسطينَ، وكانت محلَّ مهاجره، ونزلَ لوطٌ بالأردنِّ - والأُرْدُنُّ بضمِّ الهمزةِ والدالِ وتشديدِ النونِ - يقولونَ: إنه نهرٌ وَكُورَةٌ (¬1) في أعالِي الشامِ، فأرسلَ اللهُ نبيَّ اللهِ لوطًا إلى قومِ لوطٍ، وهم قُرًى، يزعمُ بعضُ المفسرين أنها أربعةٌ، وبعضُهم يقولُ: هي خمسةٌ وعاصمتُها - البلدُ الكبيرُ - تُسَمَّى: (سدومَ) وبعضُ علماءِ العربيةِ يقولونَ: (سذوم) بذال المعجمةِ، وهو قولُ الجوهريِّ (¬2)، وَنَصَرَهُ القاموسُ. وبعضُهم يقولُ: هي (سدوم) بالدالِ المهملةِ (¬3)، وهي أكبرُ قُرَاهُمْ، فأرسلَ اللهُ فيهم نبيَّه لوطًا (عليه وعلى نبينا الصلاةُ والسلامُ)، وجرى لهم معه ما قَصَّهُ اللهُ علينا في آياتٍ متعددةٍ، منها آيةُ الأعرافِ هذه.
{وَلُوطًا} أي: وَأَرْسَلْنَا لوطًا، أي: وَاذْكُرْ نَبِيَّ اللهِ لوطَ بنَ هارانَ إِذْ قال لقومِه الذين أُرْسِلَ إليهم وهم بلدُ سدوم والقرى التي حَوْلَهَا، وهي المعروفةُ بالمؤتفكاتِ؛ لأن المؤتفكاتِ قُرَى قومِ لوطٍ، والمؤتفكةُ بالإفرادِ يمكنُ أن يكونَ المرادُ بها جميعُ القُرَى؛ لأن مثلَ ذلك يُطْلَقُ عليه ما يُطْلَقُ على المؤنثةِ المفردةِ المجازيةِ التأنيثِ.
وقيل لقرى قومِه: (المؤتفكات) لأن جبريلَ عليه السلام أَفَكَهَا أي: قَلَبَهَا بهم فَاقْتَلَعَهَا من الأرضِ وَرَفَعَهَا إلى السماءِ جَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا، كما قال
¬_________
(¬1) أي: مدينة أو صقع؛ لأنه يدور على ما فيه من قرى.
(¬2) المثبت في الصحاح: (سدوم) بالدال. (5/ 1949) قال في القاموس: «وسدوم: لقرية قوم لوط، غلط فيه الجوهري، والصواب: (سذوم) بالذال المعجمة» ا. هـ (مادة: سدم) ص1447. وللتوسع انظر اللسان (مادة: سدم) و (مادة: سذم).
(¬3) انظر: معجم البلدان (3/ 200)، معجم ما استعجم (3/ 729).

الصفحة 540