كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

مرسلٌ، وجاءت مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عن عَلِيٍّ (رضي الله عنه) أنه حَرَّقَ رجلاً وَرَجَمَهُ (¬1).
والذين قالوا: يُرْفَعُ من عَالٍ إلى أسفلَ، ثم يُتْبَعُ بالحجارةِ، قالوا: إن اللَّهَ كذلك فَعَلَ بقومِ لُوطٍ.
هذا هو القولُ الأولُ - أنه يُقْتَلُ الفاعلُ والمفعولُ - وهو أقوى الأقوالِ دليلاً، وهو مذهبُ مالكٍ وعامةِ أصحابِه، وَحَكَى عليه غيرُ واحدٍ إجماعَ الصحابةِ، وهو روايةٌ عن أحمدَ، وقولٌ عن الشافعيِّ.
المذهبُ الثاني في عقوبةِ اللائطِ: أن اللواطَ كَالزِّنَى، إن كان اللائطُ مُحْصَنًا رُجِمَ، وإن كان غيرَ محصن جُلِدَ مائةً وَغُرِّبَ سَنَةً، كما هو معروفٌ. وهذا هو الروايةُ التي رَجَعَ إليها الشافعيُّ في قولِ الربيعِ وغيرِه (¬2)، وهو الروايةُ الأخرى عن الإمامِ أحمدَ، قالوا: إنه كالزِّنَى: واستدلوا بحديثٍ لا يَصِحُّ، وهو أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ، وَإِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ» (¬3) وهذا الحديثُ لا يصحُّ إسنادُه، وإن جاء من وَجْهَيْنِ، فلا يصحُّ إسنادُه. واستدلَّ مَنْ قال هذا القولَ بالقياسِ، قَاسُوهُ على الزنى،
¬_________
(¬1) البيهقي (8/ 232 - 233)، بنحوه.
(¬2) السابق (8/ 233).
(¬3) أخرجه البيهقي (8/ 233)، قال الحافظ في التلخيص (4/ 55): « ... البيهقي من حديث أبي موسى، وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري كذبه أبو حاتم ... ورواه أبو الفتح الأزدي في الضعفاء، والطبراني في الكبير من وجه آخر عن أبي موسى، وفيه بشر بن الفضل البجلي وهو مجهول. وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عنه» ا. هـ. وضعفه الألباني في الإرواء (2349).

الصفحة 552