كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

واحدةٍ؛ لأَنَّ المفعولَ به - قَبَّحَهُ اللَّهُ - قد لاَ يتلذذُ - قبح الله الجميعَ - واستدلَّ أبو حنيفةَ أيضًا بتفسيرِ مجاهدٍ في قولِه تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: آية 16] قال: اللَّذَانِ يأتيانها: الرَّجُلاَنِ يفعلانِ فاحشةَ اللواطِ، فَآذُوهُمَا بالسبِّ والضربِ بالنعالِ ونحوِ ذلك (¬1). كما قال به بعضُ العلماءِ في تفسيرِ الآيةِ.
هذه مذاهبُ العلماءِ في عقوبةِ الخنزيرِ الخبيثِ اللائطِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ.
وَاعْلَمُوا أن أَوْجُهَ التلذذِ المحرمةَ على أنواعٍ: منها: أن يأتيَ الرجلُ الرجلَ، ومنها: أن يأتيَ الرجلُ المرأةَ حرامًا، ومنها: أن تأتيَ المرأةُ المرأةَ، قبح اللهُ الجميعَ ولعنَ مَنْ يفعلُ ذلك.
أما إتيانُ الرجلِ الرجلَ فهو فاحشةُ اللواطِ الذي كُنَّا نذكرُه الآنَ.
وأما إتيانُ الرجلِ المرأةَ غيرَ زوجِه ولا سريته فهو الزِّنَى، وسيأتِي إيضاحُ الكلامِ عليه - إن شاءَ اللهُ - في سورةِ النورِ، حيث أَوْضَحَهُ اللهُ وَبَيَّنَ ما يترتبُ عليه. وكذلك إتيانُ المرأةِ المرأةَ. وإتيانُ الرجلِ زوجَه في دُبُرِهَا هو من هذه المحرماتِ الخسائسِ (¬2). والعلماءُ يُسَمُّونَهُ: اللوطيةَ الصغرى. فيجبُ على كُلِّ مسلمٍ أن يعلمَ أن إتيانَ الرجلِ امرأتَه في دبرِها حرامٌ، وقد قال أبو عبد اللَّهِ القرطبيُّ - رحمه الله -
¬_________
(¬1) أخرجه ابن جرير (8/ 82)، وابن أبي حاتم (3/ 895)، وعزاه في الدر (2/ 130)، لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(¬2) انظر: القرطبي (3/ 90 - 95)، المغني (10/ 226)، فتح الباري (8/ 190 - 192).

الصفحة 554