كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

ذلك، وذلك يدلُّ على أن ذلك الأمرَ لو كان مِمَّا لاَ ينبغي البقاءُ عليه لَمَا بَقِيَ هو عليه. ولا ينافِي هذا ورودُ أحاديثَ كثيرةٍ بتزوجِ الولودِ؛ لأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُكَاثِرُ بنا الأممَ، فالولودُ قَطْعًا خيرٌ من العقيمِ، وكثرةُ النسلِ خيرٌ من قِلَّتِهِ كما لاَ يَخْفَى.
والحاصلُ أن الوجوهَ المحرمةَ من التلذذِ أن: منها إتيانَ الرجلِ امرأةً غيرَ زوجِه ولا سُرِّيَّتِهِ، وهذا هو الزنا أَعَاذَنَا اللَّهُ والمسلمين منه.
ومنها إتيانُ الرجلِ الرجلَ، وهذا هو اللواطُ - قبحه الله ولعنَ مرتكبه - وهو الذي كُنَّا نتكلم عليه ومنها: إتيانُ امرأةِ الرجلِ في دُبُرِهَا، فلا يَحِلُّ له أن يأتيَ امرأتَه في دبرها، وذلك يُسَمَّى اللوطيةَ الصغرَى، وهو الذي كنا نُبَيِّنُ روايةَ اثني عشرَ صحابيًّا حرمتَه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم والتشديدَ فيه.
ومن ذلك إتيانُ المرأةِ المرأةَ، المعروفُ بِالْمُسَاحَقَةِ؛ لأن بعضَ النساءِ الخبيثاتِ الخسيساتِ التي لا مروءةَ لَهُنَّ ولاَ خُلُقَ ولا حياءَ يجامعُ بَعْضُهُنَّ بعضًا، فتتلاقَى عوراتُهن، وَتَحُكُّ هذه فرجَها بفرجِ هذه - قبح الله الجميعَ، الخسيساتِ - فإن هذا الفعلَ من أخسِّ الأفعالِ وأقبحِها، وهو من المحرماتِ الخسيسةِ الخبيثةِ التي لا تَرْتَكِبُهَا إلا ساقطةُ مروءةٍ، وساقطةُ دينٍ، خبيثةٌ لا حياءَ لها ولاَ مروءةَ ولا إنسانيةَ، وهذه من أقبحِ الأفعالِ وأحرمِها وأشنعِها، وإذا ثَبَتَتْ على امرأةٍ يجبُ على مَنْ بَسَطَ اللَّهُ يدَه أن يعزرَها التعزيرَ البالغَ الرادعَ لها ولأمثالِها من الخسيساتِ الخبيثاتِ القبيحاتِ، وهذه المساحقةُ - قَبَّحَهَا اللَّهُ وأخزاها، وقبحَ مَنْ تَرْتَكِبُهَا وأخزاها - هي من قبائحِ الذنوبِ، وخسائسِ الفضائحِ، وربما نَشَأَتْ عنها بلايا عظامٌ، ربما نَشَأَ عنها مثلَ الزاني بعينه؛ لأن المُساحِقَاتِ ربما حَمَلَتْ إحداهن

الصفحة 559