كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

وهذا من الشيءِ الذي لا ينبغي أن يُختلفَ في تحريمِه، وإن قال به هذا الإمامُ الجليلُ ما قال، وكلُّ كلامٍ فيه مقبولٌ ومردودٌ كما قال إمامُ دارِ الهجرةِ مالكُ بنُ أنسٍ رحمه الله.
فَفَاحِشَةُ اللواطِ - قبحها الله - وما يتبعُها يجبُ على المسلمين الحذرُ منها، وأظهرُ الأقوالِ دَلِيلاً: أن مرتكبَها يُقْتَلُ، يُقْتَلُ الفاعلُ والمفعولُ.
أما مَنْ يَزْنِي ببهيمةٍ (¬1) فقد جاء فيه حديثٌ أنه يُقْتَلُ هو والبهيمةُ التي زَنَى بها (¬2)، والحديثُ الذي وَرَدَ في ذلك قد يكونُ لا يَقِلُّ عن درجةِ الاحتجاجِ، وأكثرُ أهلِ العلمِ على أن مَنْ زَنَى ببهيمةٍ لا يُقْتَلُ هو ولا البهيمةُ؛ واستدلُّوا بحديثِ ابنِ مسعودٍ الثابتِ فِي الصحيحين: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ» (¬3). والثلاثُ معروفةٌ ليس منها نكاحُ البهيمةِ. قالوا: هذا الحصرُ القويُّ اليقينيُّ أقوى من الأحاديثِ الواردةِ في قتلِ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً.
وبعضُ العلماءِ يقولُ: إذا أَتَاهَا جَازَ أَكْلُهَا. وهو مذهبُ مالكٍ، وبعضُهم يقول: تُقْتَلُ ولا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا. وَاللَّهُ (جل وعلا) أَعْلَمُ بذلك.
وهذا معنَى قولِه: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسَاءِ} [الأعراف: آية 81] النساءُ: اسمُ جمعٍ لاَ واحدَ له من لَفْظِهِ، واحدتُه امرأةٌ.
¬_________
(¬1) انظر: المجموع (20/ 29)، المغني (12/ 351).
(¬2) مضى عند تفسير الآية (151) من سورة الأنعام.
(¬3) السابق.

الصفحة 562