كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

أن يفعلوا بهم فاحشةَ اللواطِ، فلما غَلَبُوا لوطًا على البابِ وكادُوا أن يكسروه، وقال لوطٌ كلامَه المحزنَ: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: آية 78] عندَ ذلك أخبرَه جبريلُ والملائكةُ معه: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود: آية 81] وَأَمَرُوهُ بالإسراءِ بأهلِه {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ} [هود: آية 81] وقالوا له: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: آية 81] الخبيثةُ الكافرةُ بَقِيَتْ معهم؛ وَلِذَا قال هنا: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} [الأعراف: آية 83] حيث أَمَرْنَاهُ بأن يَسْرِيَ ليلاً إنا مُهْلُكُوهُمْ مع الصبحِ {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود: آية 81] فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ.
وقولُه: {إِلاَّ امْرَأَتَكَ} [هود: آية 81] كانت امرأتُه قبيحةً خبيثةً مع الكفارِ كافرةً، وَضَرَبَ اللَّهُ لها مَثَلاً هي وامرأة نوحٍ في قولِه: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)} [التحريم: آية 10] قَبَّحَهَا اللَّهُ (¬1).
وقراءةُ الجمهورِ ما عدا ابنَ كثيرٍ وأبا عمرٍو لا إشكالَ؛ لأن الجمهورَ قرؤوا: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ} وعلى قراءةِ النصبِ لا إشكالَ في الآيةِ ألبتةَ، وأن المعنَى: فَأَسْرِ بأهلِك بقطعٍ من الليلِ إلا امرأتَك فلا تَسْرِ بها فَاتْرُكْهَا مع الهالكينَ {إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} [هود: آية 81] لأنها كافرةٌ منهم.
أما على قراءةِ أبي عمرٍو وابنِ كثيرٍ: {إِلاَّ امْرَأَتُكَ}
¬_________
(¬1) انظر: الأضواء (2/ 326).

الصفحة 565