كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

قَوْمِهِ} ثم قال: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [الأعراف: آية 65] أي: وَأَرْسَلْنَا إلى عادٍ أَخَاهُمْ هودًا، ثم قال: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [الأعراف: آية 73] أَيْ: وَأَرْسَلْنَا إلى ثمودَ أخاهم صالحًا، إلى أن قال: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} أي: أَرْسَلْنَا إلى مدينَ أخاهُم شعيبًا. أكثرُ المفسرين والمؤرخين يقولونَ: إن (مدينَ) اسمُ مدينَ بنِ إبراهيمَ، وأن هذه الأمةَ التي أُرْسِلَ إليها شعيبٌ أنها من ذريةِ مدينَ بنِ إبراهيمَ، وأن شعيبًا أخاهم في النسبِ، وكانت ديارُ مدينَ بأرضِ مَعَانٍ من أطرافِ الشامِ مما يلي الحجازَ، قريبًا من بحيرةِ قومِ لوطٍ. وقال بعضُ أهلِ العلمِ: (مَدْيَنُ) اسمُ بلدةٍ. واختلفَ المؤرخونَ والمفسرونَ (¬1) في نسبِ شعيبٍ اختلافًا كثيرًا لا يقومُ شيءٌ على دليلٍ قاطعٍ منه، فكثيرٌ من المؤرخينَ يقولونَ: هو شعيبُ بنُ ميكيلَ بنِ يشجرَ بنِ مدينَ بنِ إبراهيمَ. وبعضُهم يقولُ: هو ابنُ صيفورَ أو ضيفورَ بنِ عيفاءَ أو عنقاءَ. وبعضُهم يقول: هو شعيبٌ من ذريةِ يشجرَ بنِ لاَوِي بنِ يعقوبَ. والأقوالُ في نَسَبِهِ كثيرةٌ جِدًّا، ولم يَقُمْ برهانٌ على شيءٍ منها.
وقد جاء في حديثِ أبي ذَرٍّ المشهورِ في الأنبياءِ عندَ ابنِ حبانَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذكرَ لأَبِي ذَرِّ أن أربعةً من الأنبياءِ عربٌ قال: «وَهُمْ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَنَبِيُّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ» (¬2) وكان السلفُ الصالحُ يسمونَ شُعَيْبًا خطيبَ الأنبياءِ (¬3) لحسنِ
¬_________
(¬1) انظر: تفسير ابن جرير (12/ 554)، القرطبي (7/ 247)، البداية والنهاية (1/ 184 - 185)، معجم البلدان (5/ 77)، البحر المحيط (4/ 336).
(¬2) أخرجه ابن حبان: الإحسان (1/ 287)، حديث رقم (362).
(¬3) انظر: تفسير ابن جرير (12/ 567)، القرطبي (7/ 248)، البداية والنهاية (1/ 185)،الدر المنثور (3/ 102).

الصفحة 570