كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

مراجعتِه لقومِه، ووضوحِ أدلتِه التي يدعوهم بها إلى الدينِ. وسيأتِي في سورةِ هودٍ كلامُ الناسِ وما يُخْتَارُ منه على قولِهم في تفسيرِ قولِه: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا} [هود: آية 91] أنه كان أَعْمَى.
وقد يَشْكُلُ على طالبِ العلمِ كونُ شعيبٍ عَرَبِيًّا فَمِنْ أينَ تَعَرَّبَ وَمِنْ أينَ أخذَ العربيةَ عَمَّنْ؟ لأن إبراهيمَ أَعْجَمِيٌّ، وإسماعيلُ أبو العربِ العاربةِ (¬1)، معلومٌ أنه تَعَرَّبَ من العربِ العاربةِ البائدةِ الذين سَاكَنُوهُ عندَ زمزمَ كَجُرْهُمٍ، وقد أُرْسِلَ إلى جرهمٍ وَتَعَلَّمَ منهم اللسانَ العربيَّ على الصحيحِ.
ذَكَرَ بعضُ العلماءِ - وممن ذَكَرَهُ حافظُ المغربِ أبو عمرَ بنُ عبدِ البرِّ، وذكرَه ابنُ حجرٍ في الإصابةِ أيضًا وغيرُهم - ذَكَرُوا في ترجمةِ سلمةَ بنِ سعدٍ - ويقالُ: سلمةُ بنُ سعيدٍ - أنه وَفَدَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَانْتَسَبَ له وهو عَنَزِيٌّ، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال «نِعْمَ الْحَيُّ عَنَزَةَ مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ، أُولَئِكَ قَوْمُ شُعَيْبٍ، وَأَخْتَانُ مُوسَى». هذا حديثٌ رواه الطبرانيُّ وغيرُه، وذكرَه ابنُ عبدِ البرِّ في الاستيعابِ وغيرِه (¬2).
قال بعضُ العلماءِ: لو كان هذا الحديثُ محفوظًا صحيحًا لكانَ دَالاًّ على أن شعيبًا من قبيلةٍ من قبائلِ العربِ البائدةِ تُسَمَّى: عَنَزَةَ،
¬_________
(¬1) هكذا في الأصل. ولعله سبق لسان؛ إذ من المعلوم أنه أَبٌ للعرب المستعربة.
(¬2) أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 55)، والبزار: كشف الأستار (3/ 313)، وأورده ابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 91)، والحافظ في الإصابة (2/ 65)، والهيثمي في المجمع (10/ 51)، وقال: «وفيه من لم أعرفهم» ا. هـ.

وقال الحافظُ في الإصابةِ (2/ 65)، عن إسنادِه عند الطبراني: «وفي الإسناد من لا يُعرف» ا. هـ.

الصفحة 571