كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

العربيةِ: القومُ في وضعِ اللسانِ العربيِّ الذي نَزَلَ به القرآنُ: يختصُّ بالذكورِ دونَ الإناثِ، وربما دَخَلَ فيه الإناثُ بحكمِ التبعِ (¬1). قالوا: والدليلُ على اختصاصِ القومِ بأصلِ الوضعِ بالذكورِ دونَ الإناثِ قولُه تعالى: {لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِّنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} ثم قال: {وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ} [الحجرات: آية 11] قالوا: لو دَخَلَتِ النساءُ بالوضعِ في القومِ لَكَفَى ذلك عن قولِه: {وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ} ونظيرُ آيةِ الحجراتِ هذه قولُ زهيرِ بنِ أبي سُلمى (¬2):
وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِي ... أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ

والدليلُ على دخولِ النساءِ باسمِ القومِ بحكمِ التبعِ: قولُه تعالى في سورةِ النملِ في ملكةِ سبأٍ: {وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (43)} [النمل: آية 43].
وقولُه: {مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ} (إله) هنا: نكرةٌ في سياقِ النفيِ زِيدَتْ قبلَها (من) وقد تَقَرَّرَ في الأصولِ - وَذَكَرَهُ الشيخُ عمرو سيبويه (رحمه الله) -: أن النكرةَ في سياقِ النفيِ إذا زِيدَتْ قبلَها لفظةُ (مِنْ) لتوكيدِ النفيِ انتقلت بذلك من الظهورِ في العمومِ إلى كونِها نَصًّا صريحًا في العمومِ (¬3). فهذا نَصٌّ صريحٌ في عمومِ النفيِ لجميعِ الآلهةِ غيرِه (جل وعلا) وحدَه.
وينقاسُ زيادةُ (من) قبلَ النكرةِ في سياقِ النفيِ في توكيدِ العمومِ ينقاسُ بقياسٍ مطردٍ في اللغةِ في ثلاثةِ مواضعَ (¬4):
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (80) من سورة النساء.
(¬2) السابق.
(¬3) مضى عند تفسير الآية (38) من سورة الأنعام.
(¬4) السابق.

الصفحة 577