كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

وهزموا أصحابَه، وأن السِّحْرَ بَطَلَ، فقال له صفوانُ بنُ أميةَ - وكان عدوًّا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قَتَلَ أباه أميةَ بنَ خلفٍ يومَ بدرٍ، وقتلَ معه أَخَا صفوانَ وهو: عَلِيُّ بْنُ أميةَ، وقتلَ عمَّه أُبَيَّ بنَ خلفٍ بيدِه الكريمةِ يومَ أُحُدٍ، فلما قال صاحبُه: بَطَلَ سِحْرُ محمدٍ. قال له صفوانُ وقد أَخَذَتْهُ العصبيةُ والحميةُ النسبيةُ -: اسْكُتْ فُضَّ فُوكَ، وَاللَّهِ لأن يَرُبُّنِي رجلٌ من قريشٍ أحبُّ إِلَيَّ من أن يَرُبَّنِي رجلٌ من هوازنَ (¬1). وهو محلُّ الشاهدِ؛ لأنه أطلقَ (يربني) على معنَى يَسُوسُنِي وَيَسُودُنِي ويدبرُ شؤونِي هذا معناه.
{قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} [الأعراف: آية 85] رَبُّنَا وسيدُنا وخالقُنا ومدبرُ شؤونِنا هو اللَّهُ (جل وعلا)، وأصلُ (البينةِ) صفةٌ مشبهةٌ من بَانَ يَبِينُ فهو بَيِّنٌ، والأنثى يقال لها: (بَيِّنَةٌ) والتأنيثُ ليس بحقيقيٍّ. ومعنى البينةِ: الحجةُ الواضحةُ التي هي المعجزةُ التي لا تتركُ في الحقِّ لَبْسًا.
وهذه المادةُ التي منها (البينةُ) (الباء، والياء، والنون) جاء استعمالُها في القرآنِ وفي لغةِ العربِ على أربعةِ أَضْرُبٍ (¬2): جاءت في
¬_________
(¬1) السابق.
(¬2) قال: قال الشيخ (رحمه الله) عند تفسير الآية رقم (101)، من هذه الدروس في سورة الأعراف: «وقد ذكرنا فيما مضى في الكلام على قولِه: {قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ} تصريف هذه الكلمة وما جاء من أمثلتها في القرآن ببعض أمثلتها، وكان ذلك الذي ذكرنا هنالك سقط منه قسم نسيانًا، وكنا نتحرى إن جاءت لها مناسبة أخرى أن نبين القسم الذي سقط من كلامنا سهوًا؛ لئلا يضيع على بعض طلبة العلم الذين يسمعون هذه الدروس ... وقد ذكرنا فيما مضى أن البينة جاء من تصاريفها في القرآن ولغة العرب أربعة تصاريف، واحد منها مجرد وثلاثة مزيدة - وهذا محل النسيان- لأنها جاءت على خمسة أنواع، أربعة منها مزيدة وواحد مجرد ومن هنا وقع الغلط، وكنا نريد إذا جئنا بمناسبة كهده أن نتدارك النسيان السابق لنبين القسم الذي سقط ... » إلى آخر ما ذكر (رحمه الله) فليراجع هناك.

الصفحة 581