كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

إشفاقًا، كما بَيَّنَّاهُ في قوله: {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} [الأعراف: آية 85].
وَاعْلَمُوا أن ما قَالَهُ بعضُ المفسرين من أن الكثرةَ لا تستلزمُ العزةَ!! وأن الأقلِّين ربما كانوا أَعَزَّ من الأكثرين!! ويستدلونَ على هذا بشعرٍ للسموألِ بنِ عاديا ( ... ) (¬1) في قولِه (¬2):
تُعَيِّرُنَا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنَا ... فَقُلْتُ لَهَا إِنَّ الْكِرَامَ قَلِيلُ
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلٌ وَجَارُنَا ... عَزِيزٌ وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ
وهذا لا حجةَ فيه؛ لأَنَّ هذا الشاهدَ [من قولِ] (¬3) بعضِ الشعراءِ [الذين لا عبرةَ بقولهم] (¬4) والله يقولُ فيهم: {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} [الشعراء: الآيات 225 - 227] ولا شَكَّ أن الكثرةَ هي مظنةُ العزةِ والقوةِ، ونعمةٌ تستحقُّ الشكرَ، وهو الصحيحُ؛ ولذا قال الأعشى ميمونُ بنُ قيسٍ في مناظرةِ علقمةَ بنِ علاثةَ وعامرِ بنِ الطفيلِ (¬5):
عَلْقَمَ، لاَ لَسْتَ إِلَى عَامِرٍ ... النَّاقِضِ الأَوْتَارَ وَالوَاتِرِ
¬_________
(¬1) في هذا الموضع كلام غير واضح. والكلام مستقيم بدونه.
(¬2) البيتان في البحر المحيط (4/ 340)، الأمالي (1/ 269)، العقد الفريد (1/ 208)، وبينهما بيت آخر، وهو قوله:
وما قلَّ من كانت بقاياهُ مثْلُنَا ... شبابٌ تسامَى للعُلاَ وكُهولُ
(¬3) في هذا الموضع كلام غير واضح. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬4) في هذا الموضع كلام غير واضح. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬5) ديوان الأعشى ص92، 93.

الصفحة 590