كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 3)

صواف (¬1)، وكما جاء في الحديث أن عمل الإنسان يتجسم له في صورة إنسان طيب الريح، وكذلك العمل الخبيث (¬2)، وكما جاء في بعض الأحاديث أن القرآن يتمثل لصاحبه في قبره (¬3)، وأمثال هذا كثيرة جدّاً، وعلى كل حال فالله قادر على أن يقلب الأعمال أجساماً، فهو قادر على كل ما يشاء، فيجعل الأعمال الصالحة في صور نيرة حسنة. والأعمال القبيحة في صور مظلمة قبيحة، فتوضع هذه في كفة الحسنات وهذه في كفة السيئات، فتثقل موازين بعض، وتطيش موازين آخرين والعياذ بالله.
وقال بعض أهل العلم: إن ما يوزن أصحاب الأعمال، واستدلوا بالحديث المعروف المشهور: أن الرجل السمين -الأكول الشروب- يأتي يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة (¬4)، وفي مناقب عبد الله بن مسعود: أنهم لما رأوا دقة ساقيه قال لهم صلى الله عليه وسلم:
¬_________
(¬1) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، باب: فضل قراءة القرآن وسورة البقرة. حديث رقم (804 - 805)، (1/ 553 - 554)، من حديث أبي أمامة والنواس بن سمعان (رضي الله عنهما).
(¬2) كما في حديث البراء (رضي الله عنه) مرفوعاً عند أحمد (4/ 295)، وأصله في الصحيحين.
(¬3) كما في حديث بريدة (رضي الله عنه) عند أحمد (5/ 352)، وابن ماجه في الأدب، باب ثواب القرآن، حديث رقم (3781)، (2/ 1242)، وأورده الألباني في صحيح ابن ماجه (3048)، وقال: ضعيف يحتمل التحسين.
(¬4) أخرجه البخاري في التفسير، باب: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} حديث رقم (4729)، (8/ 426)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار، حديث رقم (2785)، (4/ 2147).

الصفحة 74