كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 3)

(68) - قوله تعالى: {لولا كتاب من الله}:
يحتمل أن يكون هذا الوعيد على ما فعلوه من المفاداة وترك القتل. وروي أنهم لكا أسرعوا إلى الغنائم أنزلها الله تعالى. واختلف المفسرون في معنى كتاب من الله، فقيل المعنى لولا أن القرآن الذي صدقتم لما مسكم العذاب لأخذكم هذا الفداء. وقيل الكتاب السابق هو المغفرة لأهل بدر ما تقدم أو تأخر من ذنوبهم. وقيل هو ما كان الله تعالى قضاه في الأزل من إحلال الغنائم والفداء لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وكانت في سائر الأمم محرمة. وقيل هو أن الله تعالى قضى أن لا يعاقب أحد على ذنب أتاه بجهالة، وهذا قول ضعيف. وقيل هو أن لا يعذب أحد بذنب قبل النهي عنه. وقيل هو ما قضاه الله تعالى من محو الصغائر لا باجتناب الكبائر، وذهب الطبري إلى دخول هذه المعاني كلها تحت اللفظ ولم يخصصه بمعنى دون معنى.

(69) - وقوله تعالى: {فكلوا مما غنمتم حلالًا طيبًا}:
قال المفسرون أحل الله بهذه الآية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ما كان محظورًا على غيرهم من الغنائم لأنها لم تحل لأحد قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإنما كانت تنزل نار من السماء فتأكلها بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: ((لم تحل لأحد قبلنا)) ويعترض هذا القول في الآية بأن يقال قد كان حكم تحليل الغنم قبل وقعة بدر في السرية التي قتل فيها عمرو بن الحضرمي، فالأحسن أن يقال في الآية أنه إنما أراد فيها إلحاق ما يؤخذ من الأسارى بالغنائم التي تقدم تحليلها وسيأتي الكلام على حكم الأسارى في سورة القتال. وفي الآية

الصفحة 109