كتاب أحكام القرآن لابن الفرس (اسم الجزء: 3)

هو منفردًا. وإنما ينبغي أن تنفر وتبقى هذه الطائفة في الدين وينذروا النافرين إذا رجع النافرون إليهم، وإلى نحو هذا ذهب ابن عباس. وقال الحسن لتتفقه الطائفة النافرة ثم تنذر إذا رجعت إلى قومها المتخلفة، قال وهذا التأويل أشبه بظاهر الآية وقيل ليست الآية في معنى الغزو وإنما سببها أن قبائل من العرب -لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين- أصابتهم مجاعة شديدة فنفروا إلى المدينة لمعنى المعاش فكادوا أن يفسدوها. وكان أكثرهم غير صحيح الإيمان وإنما أضر بهم الجوع فنزلت الآية في ذلك. والآية على هذين القولين في غير معنى الآية المتقدمة، فالآية غير ناسخة على ما ذكرنا من الأقوال في سببها، وإلى هذا ذهب الأكثر. وذهب قوم إلى أنها ناسخة لكل ما ورد من إلزام الكافة النفير. وقد استدل قوم بهذه الآية على وجوب العمل بخبر الواحد. قالوا والطائفة نفر يسير كالثلاثة. قال بعضهم ويقع على الواحد. قالوا ولا يحصل العلم بخبر هؤلاء وقد أخبر الله تعالى أنهم ينذرون قومهم، وفي ضمن ذلك قبول إيجاب إنزالهم. وخالفهم غيرهم في ذلك من القدرية ومن تابعهم من أهل الظاهر ورأوا تحريم العمل به واحتجوا بقوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} [الإسراء: 36] وبغير ذلك مما لا تثبت به حجة. وأنكره أيضًا قوم ولم يروا في الشرع دليلًا على تحريمه ولا على وجوبه. وضعف من أنكر العمل بخبر الواحد الاستدلال بالآية التي ذكرنا بأن قالوا هذا إن كان قاطعًا فهو في وجوب الإنذار لا في وجوب العمل على النذر عند اتحاد المنذر إلى غير ذلك من

الصفحة 201