كتاب بدائع الفوائد (اسم الجزء: 3)

عليه لأن وجوبه مشروط بالقدرة صلى إلى أي جهة شاء كالمسافر المتطوع والزمن الذي لا يمكنه التوجه إلى جهة القبلة.
قلت: وهذا القول أرجج وأصح من القول بوجوب أربع صلوات عليه فإنه إيجاب ما لم يوجبه الله ورسوله ولا نظير له في إيجابات الشارع البتة ولم يعرف في الشريعة موضع واحد أوجب الله على العبد فيه أن يوقع الصلاة ثم يعيدها مرة أخرى إلا لتفريط في فعلها أولا كتارك الطمأنينة والمصلى بلا وضوء ونحوه وأما أن يأمره بصلاة فيصليها بأمره ثم يأمره بإعادتها بعينها فهذا لم يقع قط وأصول الشريعة ترده.
وقياس هذه المسألة على مسألة الثياب وناسي صلاة من يوم قياس لمختلف فيه على مثله ولعل الكلام إلا في تينك المسألتين أيضا فلو أن حكمهما ثبت بكتاب أو سنة أو إجماع لكان في قياس عليها ما فيه بل لم يكن صحيحا لأن جهة الفرق إما مساوية لجهة الجمع أو أظهر وعلى التقديرين فالقياس منتف بقي النظر في ترجيح أحد قولي الاجتهاد والتخيير في مسألة القبلة على الآخر فمن نصر التخيير احتج بما في الترمذي وسنن ابن ماجة عن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزل {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} " قال الترمذي: "هذا حديث حسن إلا أنه من حديث أشعث السمان وفيه ضعف" وروى الدارقطني من حديث عطاء عن جابر قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فأصابنا غيم فتحيرنا فاختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة وجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا فذكرنا ذلك للنبي فلم يأمرنا بالإعادة فقال: "قد أجزأتكم صلاتكم"
قال الدارقطني: "رواه محمد ابن سالم عن عطاء قال: "ويروى أيضا عن محمد بن عبد الله العرزمي عن عطاء وكلاهما ضعيف". وقال العقيلي: "لا يروى متن هذا الحديث من وجه يثبت.
واحتجوا أيضا بما تقدم حكايته أن الله لم يأمر بالاستقبال إلا من كان عالما به وقادرا عليه وأما العاجز الجاهل فساقط عنه فرض

الصفحة 260