كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 3)

وَأَن تقطع توابل الْأُمَرَاء وَالْكتاب حَتَّى الكماج السميذ. فَعمل بدلك شهر وَاحِد وعادت الرَّوَاتِب على مَا كَانَت عَلَيْهِ حَتَّى بلغ مَصْرُوف الْحَوَائِج خاناه فِي كل يَوْم إثنين وَعشْرين ألف دِرْهَم بعد مَا كَانَت فِي الْأَيَّام الناصرية ثَلَاثَة عشر ألف دِرْهَم. وَبينا النَّائِب جَالس يَوْمًا إِذْ قدم لَهُ مرسوم عَلَيْهِ عَلامَة السُّلْطَان براتب لحم وتوابل وكماجتين عيد باسم ابْن علم الدّين. فَقَالَ النَّائِب لصَاحب المرسوم: وَيلك أَنا نَائِب السُّلْطَان قد قطعت الكماجة الَّتِي لي فَعَسَى بجاهك تخلص لي كماجة وتزايد الْأَمر فِي ذَلِك فَلم يُمكن أحد رَفعه وَفِيه خلع على الْأَمِير ملكتمر السرجواني وَاسْتقر فِي نِيَابَة الكرك وجهز مَعَه عدَّة صناع لعمارة مَا انْهَدم من قلعتها وإعادة البرج إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. ورسم أَن يخرج مَعَه مائَة من مماليك قوصون وبشتاك الَّذين كَانَ النَّاصِر أَحْمد أسكنهم بالقلعة بِالْقَاهِرَةِ ورتب لَهُم الرَّوَاتِب وَأَن يخرج مِنْهُم مِائَتَان إِلَى دمشق وحمص وحماة وطرابلس وصفد وحلب. فأخرجوا جَمِيعًا فِي يَوْم وَاحِد وَنِسَاؤُهُمْ وَأَوْلَادهمْ فِي بكاء وعويل وَسَخِرُوا لَهُم خُيُول الطواحين ليركبوا عَلَيْهَا فَكَانَ يَوْمًا شنيعاً. وَقدم الْخَبَر من ماردين بِأَن فياض بن مهنا فَارق ابْن دلغادر وَقصد بِلَاد الشرق ليقوي عزم الْمغل على أَخذ بِلَاد الشَّام. فَمَنعه صَاحب ماردين من ذَلِك وشفع إِلَى السُّلْطَان فِيهِ أَن يرد إِلَيْهِ إقطاعه الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ قبل الإمرية فَقبلت شَفَاعَته وَكتب برد إقطاعه الْمَذْكُور. وَفِيه قَامَ الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي فِي خلاص الصفي مُوسَى كتاب قوصون حَتَّى أفرج عَنهُ وخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي ديوانه بَعْدَمَا أشرف على الْهَلَاك. وَفِيه أفرج أَيْضا عَن أهل الْأَمِير سيف الدّين أيتمش الناصري وَاسْتقر فِي الوزارة عوضا عَن جمال الكفاة. وَفِي خَامِس عشر ربيع الآخر: خلع على الْأَمِير نجم الدّين مَحْمُود وَزِير بَغْدَاد بِطَلَبِهِ الإعفاء لتوقف الْحَال. وَفِيه قدم الْخَبَر بوفاة حَدِيثَة بن مهنا وَأَن أَخَاهُ فياض بن مهنا سَار عَن ماردين وكبس سيف بن فضل أَمِير الملا فَقتل جمَاعَة من أَصْحَابه وَنهب أَمْوَاله وَأسر أَخَاهُ.

الصفحة 415