كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 3)

قوله تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} أي لا يعتريه نعاس، ولا نوم؛ فالنوم معروف؛ والنعاس مقدمته.

قوله تعالى في الجملة الثالثة: {له ما في السموات وما في الأرض} أي له وحده؛ ففي الجملة حصر لتقديم الخبر على المبتدأ؛ و {السموات} جمعت؛ و {الأرض} أفردت؛ لكنها بمعنى الجمع؛ لأن المراد بها الجنس.

قوله تعالى في الجملة الرابعة: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}؛ {من} اسم استفهام مبتدأ؛ و {ذا} ملغاة إعراباً؛ ويأتي بها العرب في مثل هذا لتحسين اللفظ؛ و {الذي} اسم موصول خبر {من}؛ والمراد بالاستفهام هنا النفي بدليل الإثبات بعده، حيث قال تعالى: {إلا بإذنه}.

و «الشفاعة» في اللغة: جعل الوتر شفعاً؛ وفي الاصطلاح: التوسط للغير لجلب منفعة، أو دفع مضرة؛ فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف أن يقضي الله بينهم بعدما يلحقهم من الهمّ، والغمّ ما لا يطيقون (¬١): شفاعة لدفع مضرة؛ وشفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة (¬٢): شفاعة في جلب منفعة.
وقوله تعالى: {إلا بإذنه} أي الكوني؛ يعني: إلا إذا أذن في هذه الشفاعة - حتى أعظم الناس جاهاً عند الله لا يشفع إلا بإذن الله؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة - وهو أعظم الناس جاهاً عند الله؛ ومع ذلك لا يشفع إلا بإذن الله لكمال سلطانه جلّ وعلا، وهيبته؛ وكلما كمل السلطان صار أهيب للملِك، وأعظم؛ حتى إن الناس
---------------
(¬١) سبق تخريجه ٣/ ٢٣٦.
(¬٢) سبق تخريجه ٣/ ٢٣٦.

الصفحة 252