كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 3)
النوع الرابع: أن يعزم على فعل المعصية، ويعمل الأسباب التي توصل إليها؛ ولكن يعجز عنها؛ فعليه إثم فاعلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله هذا القاتل؛ فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه» (¬١).
١٠ - ومن فوائد الآية: إثبات محاسبة العبد؛ لقوله تعالى: {يحاسبكم به الله}؛ ولهذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا» (¬٢)؛ فينبغي للإنسان أن يكون كيساً يحاسب نفسه قبل أن يحاسَب؛ وإني لأعجب أن كثيراً من الناس إذا كان له تجارة دنيوية فإنه لا ينام حتى ينظر في الدفاتر: ما الذي خرج؟ وما الذي دخل؟ وما الذي بقي في ذمم الناس؟ وما الذي بيع؟ وما الذي اشتري؟ إما بنفسه؛ وإما بمن يجعلهم على هذا؛ ولكننا في أعمالنا الأخروية عندنا تفريط - يعني يندر يوماً من الأيام أن تقول: ماذا عملت اليوم؟ وتستغفر
---------------
(¬١) أخرجه البخاري ص ٤، كتاب الإيمان، باب (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ... )، حديث رقم ٣١، وأخرجه مسلم ص ١١٧٨، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ٤: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، حديث رقم ٧٢٥٢ [١٤] ٢٨٨٨.
(¬٢) نقله الترمذي عن عمر بن الخطاب ص ٨٩٩، كتاب صفة القيامة، باب ٣٥: حديث الكيس من دان نفسه، في سباق حديث رقم ٢٤٥٩، واخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ١١٥، كتاب الزهد، كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حديث رقم ٣٤٤٤٨؛ وفيه راوٍ لم يسمه.