كتاب تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (اسم الجزء: 3)

العلم؛ وهي: لا واجب مع العجز؛ ولا محرم مع الضرورة؛ لكن إن كان الواجب المعجوز عنه له بدل وجب الانتقال إلى بدله؛ فإن لم يكن له بدل سقط؛ وإن عجز عن بدله سقط؛ مثال ذلك: إذا عجز عن الطهارة بالماء سقط عنه وجوب التطهر بالماء؛ لكن ينتقل إلى التيمم؛ فإن عجز سقط التيمم أيضاً - مثال ذلك: شخص محبوس مكبل لا يستطيع أن يتوضأ، ولا أن يتيمم: فإنه يصلي بلا وضوء، ولا تيمم؛ مثال آخر: رجل قتل نفساً معصومة خطأً: فعليه أن يعتق رقبة؛ فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين؛ فإن لم يستطع سقطت الكفارة؛ مثال ثالث: رجل جامع زوجته في نهار رمضان: فعليه أن يعتق رقبة؛ فإن لم يجد فعليه صيام شهرين؛ فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً؛ فإن لم يجد فلا شيء عليه.

ومثال سقوط التحريم مع الضرورة: رجل اضطر إلى أكل الميتة بحيث لا يجد ما يسد رمقه سوى هذه الميتة: فإنه يحل له أكلها؛ وهل له أن يشبع؛ أو يقتصر على ما تبْقى به حياته؟

والجواب: إن كان يرجو أن يجد حلالاً عن قرب فيجب أن يقتصر على ما يسد رمقه؛ وإن كان لا يرجو ذلك فله أن يشبع، وأن يتزود منها - وأن يحمل معه منها - خشية أن لا يجد حلالاً عن قرب.

ومعنى الضرورة أنه لا يمكن الاستغناء عن هذا المحرم؛ وأن ضرورته تندفع به - فإن لم تندفع فلا فائدة؛ مثال ذلك: رجل ظن أنه في ضرورة إلى التداوي بمحرم؛ فأراد أن يتناوله: فإنه لا يحل له ذلك لوجوه:

الأول: أن الله حرمه؛ ولا يمكن أن يكون ما حرمه شافياً لعباده، ولا نافعاً لهم.

الصفحة 454