كتاب طيبة وذكريات الأحبة (اسم الجزء: 3)

105
"وغادر أبي المدينة"
أثناء دراستي قرر والدي مغادرة المدينة المنورة إلى الجزائر بسبب الحرب العالمية الثانية فوالدي كان يعيش في المدينة على مورد يأيته سنوياً من بعض البساتين في الجزائر.
غادرنا المدينة إلى جدة ولم نتمكن من السفر بحراً لافادتنا ان الطريق البحري ملئ بالالغام - ومن جدة توجهنا إلى مكة - وسكن والدي في المعابدة.
"مساعد طبيب نصف ريال"
أثناء تجولي في سوق الليل وعمري لا يتجاوز الخامسة عشر، وبدون معرفة سابقة سمعت من يقول "ياولد ياولد" التفت فاذا رجل يقول "تشتغل صبي" وكلمة صبي تعني عامل، قلت اشتغل - قال - في اليوم نصف ريال - فوافقت ولا أدري ما هو العمل.
أخذني الرجل إلى "خياط الملابس" وفصل لي ثيابا بيضاء وعرفت منه أن العمل هو مساعداً له في عيادته فهو دكتور في العيون.
ومن العيادة الخاصة انتقلت إلى العمل بالمستشفى - لاحظ الطبيب اجادتي للعمل فعرض علي السفر إلى فرنسا على حسابه الخاص - عرضت الامر على والدي ووالدتي فرفضا نهائياً مناقشة الموضوع.
"إلى الطائف"
غادرنا مكة إلى الطائف على الجمال ووصلنا إلى الطائف بعد ثلاثة أيام ذهب والدي إلى جمع رزق فكان يبيع ويشتري في سوق الخضار حتى جمع مبلغ ثلاثين ريالاً - وبههذه الريالات اشترى والدي ارضاً واشترك مع البعض في بناء بعض الغرف بخدماتها داخل الارض.
"باب الريع والمدرسة العسكرية"
عصر كل يوم كان غرامي هو مشاهدة طوابير العسكر بتلك البدل الخاكي ذات الشرط الحمراء هذا المنظر يشدني يومياً لمشاهدتهم.
كان الضابط هو عمر عوني ومن كثرة مشاهدته لي يومياً - طلبني وقال لي - هل ترغب بأن تكون عسكرياً قلت نعم - قال اكتب معروضك - اعطاني ورقة فكتبت عليها رغبتي وصرفت لي بدلة بعد تقديمي للمعروض لم اصدق أني اصبحت رجلاً عسكرياً لبست البدلة وحملت ثيأبي ووقفت امام والدتي بالزي العسكري.
كنت أتوقع المباركة منها الا انها اجابتني بغضبها وعدم مواقفتها وتحت اصرارها اعدت البدلة مبللة بدموعي الغزيرة.

الصفحة 105