كتاب طيبة وذكريات الأحبة (اسم الجزء: 3)

145
وهنا بدأت انطلاقتي الذهنية حيث التحقت بالصف الأول الثانوي ثم الثاني ونجحت ضمن العشر الاوائل.
وطلبت مديرية المعاف عدد عشرة مدرسين للتدريس في بعض مناطق المملكة وكنت انا ضمن هؤلاء العشرة وجاء تعييني في منطقة القنفذة - فسألت اين القنفذة وعرفت انها على ساحل البحر الاحمر فاتجهت إلى مديرية المعارف إلى الأستاذ صالح شطا فزودني بخطاب إلى خفر السواحل في جدة لنقلي إلى القنفذة عن طريق البحر.
وصرف لي سلفة لراتب شهرين مقدارها 120 ريال.
"رحلة العذاب"
كنت الراكب الوحيد على المركب والباقي صناديق خشبية وكلما اتجهنا إلى القنفذة تنعكس الرياح ونعود إلى الليث واستمرت هذه العملية اربعة عشر يوماً بالضبط.
"فراش المدرسة والحمار في انتظاري" عند وصولي إلى القنفذة وجدت فراش المدرسة التي عينت فيها بانتظاري ومعه حمار وعندما شاهدني عرف انني الأستاذ الجديد فقال لي"انت الأستاذ فقلت نعم:
فقال اركب الحمار وبدأت المسيرة إلى المدرسة.
"التجارة بالماء"
عند وصولي القنفذة لا املك سوى اثني عشر ريالاً فقط وفي الطريق إلى المدرسة شاهدت مجموعة من الجمال محملة بقرب جلد صغير وكان رجل يصيح بريال ونصف فقلت في نفسي هذه هي التجارة الرابحة فاسرعت إلى المدرسة واستقبلني مديرها الأستاذ يوسف نتومن مكة وبعد الترحاب قلت له سأذهب لاشتري "قرب السمن" فهي رخيصة جداً فقال لي "اي سمن" قلت المحمل عل الجمال - فضحك وقال انها "قرب ماء" وليست سمن فنحن هنا لا نعرف سوى السليط "الزيت"
"السكن بنصف ريال"
وجدت من مدرسي المدرسة الأستاذ محمد علي الربيع والد الأستاذ عبد العزيز الربيع رحمه الله وسألته عن مكان اسكن فيه فقال انني مستأجر غرفة بريال واحد شهرياً أسكن معي وادفع نصف ريال فاتفقنا واصبحت شريكاً له في الغرفة.
"غضبان ينقذنا من الموت والشيخ الربيع يكتب وصيته"
مرت علينا بعض الايام القاسية بعد انتهاء باثني عشر ريالاً التي املكها والشيخ الربيع يعاني من نفس المشكلة والراتب ليس بالسهولة التي نتوقعها ففي احد الايام بعد خروجنا

الصفحة 145