كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 3)
قتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّةٌ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَدْخُلَهُ الْجَنَّةَ» .
وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ الْآيَةَ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ أُشَكِّكُهُمْ فِي آخِرَتِهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أُرَغِّبُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ أُشَبِّهُ عَلَيْهِمْ أَمْرَ دِينِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ أشهي لهم المعاصي «1» ، وقال ابن أبي طَلْحَةَ فِي رِوَايَةٍ وَالْعَوْفِيُّ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَّا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ فَمِنْ قِبَلِ دُنْيَاهُمْ، وَأَمَّا مِنْ خَلْفِهِمْ فَأَمْرُ آخِرَتِهِمْ، وَأَمَّا عَنْ أَيْمَانِهِمْ فَمِنْ قِبَلِ حَسَنَاتِهِمْ، وَأَمَّا عَنْ شَمَائِلِهِمْ فَمِنْ قِبَلِ سَيِّئَاتِهِمْ «2» ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، أَتَاهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا بَعْثَ وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ، وَمِنْ خَلْفِهِمْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فزينها لهم ودعاهم إليها، وعن أَيْمَانِهِمْ مِنْ قِبَلِ حَسَنَاتِهِمْ بَطَّأَهُمُ عَنْهَا، وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ زَيَّنَ لَهُمُ السَّيِّئَاتِ وَالْمَعَاصِيَ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهَا وأمرهم بها، أتاك يا بن آدَمَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِكَ مِنْ فَوْقِكَ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَحُولَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَحْمَةِ اللَّهِ «3» ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ جريج، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ الدُّنْيَا، وَمِنْ خَلْفِهِمْ الْآخِرَةُ «4» .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ بَيْنِ أيديهم وعن أيمانهم من حَيْثُ يُبْصِرُونَ، وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ حَيْثُ لَا يُبْصِرُونَ «5» ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ «6» : أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُ طُرُقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَالْخَيْرُ يَصُدُّهُمْ عَنْهُ والشر يحسنه لَهُمْ، وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلَمْ يَقِلْ مِنْ فَوْقِهِمْ، لِأَنَّ الرَّحْمَةَ تَنْزِلُ مِنْ فَوْقِهِمْ «7» ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ قَالَ:
مُوَحِّدِينَ «8» ، وَقَوْلُ إِبْلِيسَ هَذَا إِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ مِنْهُ وَتَوَهُّمٌ، وَقَدْ وَافَقَ فِي هَذَا الْوَاقِعَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ [سبأ: 20- 21] .
__________
(1) انظر تفسير الطبري 5/ 445.
(2) انظر تفسير الطبري 5/ 445، 446.
(3) انظر تفسير الطبري 5/ 446.
(4) انظر تفسير الطبري 5/ 446.
(5) انظر تفسير الطبري 5/ 446، 447.
(6) انظر تفسير الطبري 5/ 447.
(7) انظر تفسير الطبري 5/ 447.
(8) انظر تفسير الطبري 5/ 447.
الصفحة 355