كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1» أَيْضًا: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
تَوَضَّأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَضَوْءًا فِيهِ تَجَوَّزَ خَفِيفًا، فَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بن سيرين: كان الخلفاء يتوضؤون لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ قَالَ: الْوُضُوءُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ اعْتِدَاءٌ، فَهُوَ غَرِيبٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، ثُمَّ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَنِ اعْتَقَدَ وَجُوبَهَ فَهُوَ مُعْتَدٍ، وَأَمَّا مَشْرُوعِيَّتُهُ اسْتِحْبَابًا فَقَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَنْتُمْ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قال: كنا نصلي الصلوات كلها بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «3» : حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُرَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ، هُوَ الْإِفْرِيقِيُّ، عَنْ أَبِي غُطَيْفٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ، كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنِ الْإِفْرِيقِيِّ، عَنْ أَبِي غُطَيْفٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ قِصَّةٌ. وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ الْإِفْرِيقِيِّ بِهِ نَحْوَهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وهو إسناد ضعيف.
وقال ابْنُ جَرِيرٍ «4» : وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِعْلَامًا مِنَ اللَّهِ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ إِلَّا عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إِذَا أَحْدَثَ امْتَنَعَ مِنَ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا حَتَّى يَتَوَضَّأَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علقمة بن وقاص، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَاقَ الْبَوْلَ» نُكَلِّمُهُ فَلَا يُكَلِّمُنَا، وَنُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْنَا، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الرُّخْصَةِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ الْآيَةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ بِهِ نَحْوَهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ غريب جدا، وجابر هذا هو ابن زيد الْجُعْفِيُّ ضَعَّفُوهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ «5» : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ فَقُدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامٌ، فقالوا: ألا نأتيك
__________
(1) تفسير الطبري 4/ 453.
(2) مسند أحمد 3/ 132.
(3) تفسير الطبري 4/ 455.
(4) المصدر السابق.
(5) سنن أبي داود (أطعمة باب 11) .

الصفحة 41