كتاب تذكرة الحفاظ = طبقات الحفاظ للذهبي (اسم الجزء: 3)

الكرماني وأبا علي الميداني وأبا حامد بن بلال وخلقًا بنيسابور، وأبا سعيد بن الأعرابي بمكة، والهيثم بن كليب بسمرقند، وخيثمة بن سليمان وطبقته بالشام، وأبا جعفر بن البختري وإسماعيل الصفار وعدة ببغداد، وأبا الطاهر المديني وبابته بمصر، وغير ذلك، وعدة شيوخه الذين سمع وأخذ عنهم ألف وسبعمائة شيخ، وله إجازة من الحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره، ولما رجع من الرحلة الطويلة كانت كتبه عدة أحمال حتى قيل: إنها كانت أربعين حملًا، وما بلغنا أن أحدًا من هذه الأمة سمع ما سمع ولا جمع ما جمع، وكان ختام الرحالين وفرد المكثرين مع الحفظ والمعرفة والصدق وكثرة التصانيف.
حدث عنه شيخه أبو الشيخ وأبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الله غنجار وأبو سعد الإدريسي وتمام الرازي وحمزة السهمي وأبو نعيم وأحمد بن الفضل الباطرقاني وأحمد بن محمود الثقفي وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن بندار وأبو عثمان محمد بن أحمد بن ورقاء وأولاده عبد الرحمن وعبد الوهاب وعبيد الله وآخرون؛ قال الباطرقاني: نا أبو عبد الله إمام الأئمة في الحديث, لقاه الله رضوانه.
قلت: أول ما رأيت أنه سمع في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وأول ارتحاله قبل الثلاثين أو فيها إلى نيسابور. قال الحاكم: التقينا ببخارى سنة إحدى وستين وقد زاد زيادة ظاهرة, ثم جاءنا إلى نيسابور سنة خمس وسبعين ذاهبًا إلى وطنه، قال شيخنا أبو علي الحافظ: بنو منده أعلام الحفاظ في الدنيا قديمًا وحديثًا، ألا ترون إلى قريحة أبي عبد الله؟ وقيل: إن أبا نعيم ذكر له ابن منده فقال: كان جبلًا من الجبال.
قال أبو عبد الله بن أبي ذهل: سمعت أبا عبد الله بن منده يقول: لا يخرج الصحيح إلا من ينزل أو يكذب؛ يعني أن شيوخ المتأخرين لا يرتقون إلى درجة الصحة فيكذب المحدث إن خرج عنهم. وقيل: كان أبو عبد الله إذا قيل له: فاتك سماع كذا، يقول: ما فاتنا من البصرة أكثر. قلت: لم يدخلها؛ لأنه ارتحل إلى مسندها علي بن إسحاق الماذرائي فنُعِيَ إليه قبل دخولها فتألم ورجع عنها. وله كتاب معرفة الصحابة، قال الحافظ ابن عساكر: له فيه أوهام كثيرة.
قال أبو نعيم الحافظ في تاريخه في ترجمة ابن منده: هو حافظ من أولاد المحدثين اختلط في آخر عمره فحدث عن أبي أسيد وابن أخي أبي زرعة وابن الجارود بعد أن سمع منه أن له نهم إجازة، وتخبط في أماليه، ونسب إلى جماعة أقوالًا في المعتقدات لم يعرفوا بها؛ نسأل الله الستر والصيانة. قلت: لا يعبأ بقولك في خصمك للعداوة المشهورة بينكما، كما لا يعبأ بقوله فيك فقد رأيت لابن منده مقالًا في الحط على أبي نعيم من أجل العقيدة أقذع فيه، وكل منهما صدوق غير متهم بحمد الله في الحديث. قال أحمد

الصفحة 158