كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 3)

الْمَادَّة الغامرة فِي الْعُضْو وَقت مَا لَا يكون يظْهر للنضج أَو خِلَافه المفاد للنضج أثر والابتداء مَوْجُود فِي كلِّ مرض وَلَكِن رُبمَا خَفِي خفاءة فِي سونوخس والصرع والسكتة وَإِذا كَانَ الِابْتِدَاء خفِيا قَلِيل الْأَعْرَاض ظن أَنه لَا ابْتِدَاء فِيهِ وَكَذَلِكَ رُبمَا رُؤِيَ فِي الْيَوْم الأول من الحمِّيات الحادة غمامة أَو عَلامَة نضج فيظن أَنه لم يكن لَهَا ابْتِدَاء وَلَيْسَ كَذَلِك والتزيّد هُوَ وَقت مَا تتحرك فِيهِ الْحَرَارَة الغريزية لمقاومة الْمَادَّة حَرَكَة ظَاهِرَة فتظهر عَلَامَات النضج أَو عَلَامَات المضاد للنضج والانتهاء هُوَ الْوَقْت الَّذِي يشتدّ الْقِتَال فِيهِ بَين الطبيعة والمادة ة وَيظْهر حَال استعلاء أَحدهمَا على الآخر وَهُوَ وَقت الملحمة ومدتها فِي ذَوَات النوائب الحارة نوبَة وَاحِدَة وَلَا يعرف إِلَّا بِالَّتِي يَليهَا أَو نوبتان وَيعرف فِي الثَّالِثَة مِنْهَا لَا يزِيد عَلَيْهِمَا فِي الْأَكْثَر إِلَّا فِي الْأَمْرَاض المزمنة فَرُبمَا تشابهت نَوَائِب كَثِيرَة فِي جَمِيع أَحْكَامهَا وَهُنَاكَ عِنْد الْمُنْتَهى يتم آثَار النضج وضده. والانحطاط هُوَ وَقت مَا تكون الْحَرَارَة الغريزية قد استولت على الْمَادَّة فقهرتها فَهِيَ فِي تَفْرِيق شملها شَيْئا بعد شَيْء وَحِينَئِذٍ تَجف حرارة الْبَاطِن وتنتقص إِلَى الْأَطْرَاف حَتَّى تحلل. وَكَثِيرًا مَا تغلظ فالمنتهى يخْتَلف فِي الْأَمْرَاض فالأمراض الحادة جدا أبعد مُنْتَهَاهَا إِلَى أَرْبَعَة أَيَّام وحميات الْيَوْم من هَذِه الْجُمْلَة إِلَّا أَنَّهَا لَا تعد حادة فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِي حِدة الْمَرَض أَن يكون منتهاه قَرِيبا بل يكون من الْأَمْرَاض ذَوَات الْخطر ويتلوها الْأَمْرَاض الحادة مُطلقًا لَا جدا وَهِي الَّتِي مُنْتَهَاهَا إِلَى سَبْعَة أَيَّام مثل: المحرقة وَالْغِب اللَّازِمَة وَمِنْهَا مَا هِيَ أقلّ حدّة من ذَلِك وَهِي الَّتِي مُنْتَهَاهَا إِلَى أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَمَا بعد ذَلِك فَهِيَ حادة المزمنات إِلَى الْحَادِي وَالْعِشْرين ثمَّ المزمنات إِلَى أَرْبَعِينَ وَسِتِّينَ وَمَا فَوق ذَلِك. وَمَعْرِفَة الْأَمْرَاض الحادة فِي مراتبها والمزمنة نافعة فِي تَدْبِير غذَاء المرضى على مَا سَنذكرُهُ وَكثير من الحميات يَسْتَوْفِي الِابْتِدَاء والتزيد والانتهاء فِي نوبَة وَاحِدَة وتنوب الْأُخْرَى منحطة والحميات أَيْضا تخْتَلف فِي هَذِه الْأَزْمِنَة فَمِنْهَا مَا يطول تزيدها وَمِنْهَا مَا يطول انحطاطها. فصل فِي تعرف أَوْقَات الْمَرَض وخصوصاً الْمُنْتَهى تتعرف أَوْقَات الْمَرَض الْكُلية مَرة من نوع الْمَرَض فَإِن التشنج الْيَابِس والصرع والسكتة والخناق من الحادة جدا وَالْغِب الْخَالِصَة والمحرقة حادة لَا جدا وَالرّبع والفالج من المزمنة. ومَرة من حَرَكَة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَت النوائب قَصِيرَة دلّ على أَن الْمُنْتَهى قريب كالغب الْخَالِصَة. فَإِن زمَان نوائبها من ثَلَاث سَاعَات إِلَى أَربع عشرَة سَاعَة وَإِن كَانَت طَوِيلَة دلّت على أَن الْمَادَّة غَلِيظَة والمنتهى بعيد كالغب غير الْخَالِصَة وَإِن لم يكن هُنَاكَ نَوَائِب بل كَانَت مادتها حارة كسونوخس فالمرض حاد وَإِن كَانَت مادتها غَلِيظَة بَارِدَة وَإِلَى غلظ فالمرض غير حاد.

الصفحة 7