كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)
إلا قتلناه، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله! أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم. فقال صلى الله عليه وسلم: "من أغلق بابه فهو آمن".
قال في فتح الباري: وقد تمسك بهذه القصة من قال: إن مكة فتحت عنوة، وهو قول الأكثر.
وعن الشافعي، وهو رواية عن أحمد: أنها فتحت صلحا، لما وقع في هذا من التأمين، ولإضافة الدور إلى أهلها؛ لأنها لم تقسم؛ ولأن الغانمين لم يملكوا دورها. وإلا لجاز إخراج أهل الدور منها.
وحجة الأولين: ما وقع التصريح به من الأمر بالقتال، ووقوعه من خالد بن الوليد، وبتصريحه عليه الصلاة والسلام بأنها أحلت له ساعة، من نهار، ونهيه عن التأسي به في ذلك.
وأجابوا عن ترك القسمة: بأنها لا تستلزم عدم العنوة، فقد تفتح البلد عنوة ويمن
__________
إلا قتلناه, فجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول الله أبيحت" بالبناء، للمفعول أي انتهبت وتم هلاكها.
وفي رواية لمسلم أيضا أبيدت ببنائه للمفعول أي أهلكت "خضراء قريش" بخاء مفتوحة وضاد ساكنة معجمتين وبالمد جماعتهم وأشخاصهم والعرب تكنى بالسواد عن الخضرة وبها عن السواد "لا قريش بعد اليوم" وهذا صريح في أنهم أثخنوا فيهم القتل بكثرة فهو مؤيد لرواية الطبراني، أن خالدا قتل منهم سبعين, فقال صلى الله عليه وسلم: "من أغلق بابه فهو آمن" زاد في رواية: "ومن ألقى سلاحه فهو آمن". فألقى الناس سلاحهم، وغلقوا أبوابهم، "قال في فتح الباري: وقد تمسك بهذه القصة من قال: إن مكة فتحت عنوة" أي بالقهر والغلبة "وهو قول الأكثر" من العلماء.
"وعن الشافعي: وهو رواية عن أحمد أنها فتحت صلحا لما وقع في هذا من التأمين" ويأتي الجواب عنه، بأنه إنما يكون صلحا إذا كف المؤمن عن القتال وقريش لم تلتزم ذلك، بل استعدوا للحرب وقاتلوا "ولإضافة الدور إلى أهلها ولأنها لم تقسم ولأن الغانمين لم يملكوا دورها وإلا لجاز إخراج أهل الدور منها".
"وحجة الأولين ما وقع التصريح به" في الأحاديث الصحيحة "من الأمر بالقتال ووقوعه من خالد بن الوليد، وتصريحه عليه الصلاة والسلام بأنها حلت له ساعة من نهار ونهيه عن التأسي به في ذلك"؛ لأنه من خصائصه، فهذه أرع حجج قوية كل منها بانفراده كاف في الحجية, "وأجابوا عن ترك القسمة بأنها لا تستلزم عدم العنوة فقد تفتح البلد عنوة ويمن