كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

عن أهلها، ويترك لهم دورهم.
__________
عن أهلها ويترك لهم دورهم" وغنائمهم، ولأن قسمة الأرض المغنومة ليست متفقا عليها، بل الخلاف ثابت عن الصحابة، فمن بعدهم وقد فتحت أكثر البلاد عنوة، فلم تقسم وذلك في زمن عمر وعثمان مع وجود الصحابة.
وقد زادت مكة، بأمر يمكن أن يدعى اختصاصها به دون بقية البلاد، وهي دار النسك ومتعبد الخلق وقد جعلها الله تعالى حرما سواء العاكف فيه والبادي، هذا أسقطه المصنف من كلام الفتح، وسلم له تلامذته وغيرهم.
هذه الأدلة والأجوبة لأنها كالشمس في رابعة النهار، حتى جاء سميه الشهاب الهيثمي، فأجاب عن احتجاج الجمهور الأول بأن قوله حتى توافوني بالصفا إنما كان لخالد ومن معه الداخلين من أسفلها، فقوله احصدوهم أي إن قاتلوكم، وهذا الحصر منه عجيب.
فالحديث الصحيح بعين الأنصار فحصر في غيرهم نظرا لمذهبه يعين الانتصار مع أن خالد لم يكن معه من الأنصار أحد إنما كان في قبائل قضاعة وسليم، ومزينة، وجهينة، وغيرهم من قبائل العرب كما قاله ابن إسحاق وغيره من أئمة السير، وقوله أي إن قاتلوكم برده قول أبي هريرة، في صحيح مسلم وغيره، فانطلقنا فما نشاء أن نقتل أحدا منهم إلا قتلناه وما أحد يوجه إلينا منهم شيئا فصرح بخلاف تأويله على أن كون المراد إن قاتلوكم ينتج المدعي، وأن قريشا لم تلتزم التأمين فقاتلوهم حتى دخلوه عنوة وبهذا بطل جوابه عن الثاني بأن قتال خالد إنما كان لمن قاتله، كما أمره عليه الصلاة والسلام, قال: وبفرض، أنه باجتهاده فلا عبرة به مع رأيه صلى الله علي وسلم وفيه نظر فإنه بفرض ذلك قد أقره عليه سيد الخلق ولم يعنفه بل قال: "قضاء الله خير"، وأجاب عن الثالث، بأن حلها لا يستلزم وقوع القتال لمن لم يقاتله، وكم أحل له أشياء لم يفعلها وليس بشيء فهو عقلي مدفوع بالنقل كيف، وفي حديث مسلم كما نرى: أن الأنصار قاتلوا من لم يقاتلهم بأمره عليه الصلاة والسلام وقواه: "احصدوهم حصدا". وفي الصحيحين، والترمذي، والنسائي، قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فيها، فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم". فقد صرح الدليل الصحيح بأن هذا من الأشياء التي أحلت له وفعلها، وأجاب عن الرابع بأن عدم القسمة ليس دليلا مستقلا بل مقويا يقال عليه لا تلازم فلا تقوية فيه وزعمه إمكان أنه دليل لأنه الأصل في عدم القسمة مدفوع بقيام الدليل على خلافه وهو أمره بالقتال وأنه من خصائصه فتعين حمله على أنه منّ عليهم بالأرض والأنفس، كما قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". زعمه أن معناه الذين أطلقوا واسطة تركهم للقتال من أن يؤسروا أو يسترقوا فهو دليل الصلح لا العنوة، تعسف, إذ الطليق كما قاله في النهاية وتبعه في الفتح وغيره الأسير إذا أطلق، فتفسيره

الصفحة 430