كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)
الناس إلا أربعة نفر فذكرهم ثم قال: وأما ابن أبي سرح فاختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة، جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه مليا ثلاثا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: "أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت عن بيعته فيقتله"؟. فقالوا: يا رسول الله ما ندري ما في نفسك، ألا أومأت إلينا؟ فقال: "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين". الحديث.
__________
الناس إلا أربعة نفر فذكرهم" فقال: عكرمة وابن خطل ومقيس وابن أبي سرح، "ثم قال وأما ابن أبي سرح فاختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه" وكان أخاه من الرضاعة كما عند ابن إسحاق.
"فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به" عثمان "حتى أوقفه" لغة قليلة والكثير وقفه "على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال" عثمان: "يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه مليا" طويلا "ثلاثا كل ذلك يأبى" أن يبايعه، "فبايعه بعد ثلاث ثم" لما انصرف عثمان به كما عند ابن إسحاق "أقبل على أصحابه"، فقال: "أما" فهمزة الاستفهام مقدرة "كان فيكم رجل رشيد" يفهم مرادي "يقوم إلى هذا حين كففت عن بيعته فيقتله" فالاستفهام للوم على عدم قتله وعند ابن إسحاق لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه "قالوا": وعند ابن إسحاق: ورواه الدراقطني عن أنس وعن سعيد بن يربوع، وابن عساكر عن عثمان فقال رجل من الأنصار. قال في الإصابة وأفاد سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان: أنه عباد بن بشر الأنصاري وقيل: عمر. انتهى.
وتسمي عمر أنصاريا بالمعنى الأعم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ} "يا رسول الله ما ندري ما في نفسك ألا أومأت إلينا" أشرت بحاجب أو بيد أو غيرهما، فقال: "إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين" هي الإيماء إلى مباح من نحو ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر.
سمي بذلك لشبهه بالخيانة لإخفائه كما لو أومأ لقتله حين طلب عثمان مبايعته فإنه خلاف الظاهر من سكوته وتجوز لغيره إلا في محظور، وعليه قوله: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} ، فإن فيه ذم النظر إلى ما لا يجوز كما فسره به ابن عباس ومجاهد وغيرهما، وفسره السدي والضحاك، بالرمز بالعين "الحديث" وعند ابن إسحاق، قال: فهلا أومأت إليّ، قال: إن