كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)

قال مالك -كما رواية البخاري: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نرى يومئذ محرما. انتهى.
وقول مالك هذا رواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك جازما به. أخرجه الدارقطني في الغرائب.
ويشهد له ما رواه مسلم من حديث جابر: دخل صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن طاوس قال: لم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة إلا محرما إلا يوم فتح مكة.
وقد اختلف العلماء: هل يجب على من دخل مكة الإحرام أم لا؟
__________
النبي لا يقتل بالإشارة وكان عبد الله بعد ذلك ممن حسن إسلامه ولم يظهر منه شيء ينكر عليه، وكانت له المواقف المحمودة في الفتوح، والولاية المحمودة، وهو أحد النجباء العقلاء الكرماء من قريش، وكان فارس بني عامر بن لؤي المقدم فيهم. وولاه عمر ثم عثمان وتقدم مزيد لذلك "قال مالك" الإمام الأعظم "كما في رواية البخاري، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نرى" بضم النون، وفتح الراء أي: نظن, والله أعلم.
"يومئذ محرما" أي لم يرو أحد أنه تحلل يومئذ من إحرامه "انتهى، وقول مالك هذا رواه عبد الرحمن بن مهدي" بن حسان العنبري، مولاهم البصري الثقة الثبت الحافظ العارف بالرجال والحديث.
روى له الستة "عن مالك جازما به" فأسقط قوله فيما نرى, والله أعلم.
"أخرجه الدارقطني في الغرائب" أي غرائب الرواة، عن مالك "ويشهد له ما رواه مسلم" والإمام أحمد، وأصحاب السنن الأربعة "من حديث جابر: دخل صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام" فصرح بما جزم به مالك أو ظنه، "و" ما "روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن طاوس" بن كيسان اليماني الثقة الفقيه، المتوفى سنة ستين ومائة أو بعدها، روى له الجماعة "قال: لم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة إلا محرما إلا يوم فتح مكة" وستر الرأس بالمغفر يدل على ذلك أيضا.
وقول ابن دقيق العيد يحتمل أنه محرم وغطاه لعذر تعقب بتصريح جابر وغيره بأنه لم يكن محرما.
"وقد اختلف العلماء، هل يجب على من دخل مكة" ولم يقصد النسك "الإحرام أم لا؟

الصفحة 440