كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 3)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وهل ترك لنا عقيل من منزل"؟. وفي رواية: "وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور"؟.
وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرث جعفر ولا علي شيئا لأنهما كانا مسلمين، فكان.
__________
الحج: في دارك بمكة.
قال الحافظ: حذفت أداة الاستفهام من قوله في دارك بدليل رواية ابن خزيمة والطحاوي، والجوزي بلفظ: أتنزل في دارك؟ فكأنه استفهمه أولا عن مكان نزوله ثم ظن أنه ينزل في داره فاستفهم عن ذلك "فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وهل ترك لنا عقيل" بفتح العين وكسر القاف "من منزل" هذا لفظ رواية المغازي.
"وفي رواية" للبخاري في الحج، عن أسامة: "وهل ترك لنا عقيل من رباع" جمع ربع بفتح الراء، وسكون الموحدة، وهو المنزل المشتمل على أبيات وقيل: الدار فعليه قوله: "أو دور" إما للتأكيد أو من شك الراوي، قاله الحافظ, وجمع النكرة، وإن كانت في سياق الاستفهام الإنكاري تفيد العموم، للإشعار بأنه لم يترك من الرباع المتعددة، شيئا ومن للتبعيض قاله الكرماني.
قال الحافظ: وأخرج هذا الحديث الفاكهي، وقال في آخره: ويقال: إن الدار التي أشار إليها كانت دار هاشم، ثم صارت لابنه عبد المطلب، فقسمها بين ولده حين عمي، ثم صار للنبي صلى الله عليه وسلم حظ أبيه, قال المصنف: وظاهره أنها كانت ملكه، فأضافها إلى نفسه، فيحتمل أن عقيلا تصرف فيها كما فعل أبو سفيان بدور المهاجرين، ويحتمل غير ذلك، وقد فسر الراوي ولعله أسامة، المراد بما أدرجه هنا حيث قال: "وكان عقيل، ورث أبا طالب هو و" أخوه "طالب" المكنى به "ولم يرث جعفر ولا علي شيئا لأنهما كانا مسلمين".
قال الحافظ: هذا يدل على تقدم هذا الحكم من أوائل الإسلام لموت أبي طالب قبل الهجرة، فلما هجر استولى عقيل وطالب على الدار كلها باعتبار ما ورثاه، وباعتبار تركه صلى الله عليه وسلم لحقه منها بالهجرة، وفقد طالب ببدر، فباع عقيل الدار كلها، واختلف في تقريره عليه الصلاة والسلام عقيلا على ما يخصه، فقيل: ترك له ذلك تفضلا عليه وقيل: استمالة وتأليفا وقيل: تصحيحا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم قال الخطابي: إنما لم ينزل فيها لأنها دور هجروها لله فلم يرجعوا فيما تركوه, وتعقب بأن سياق الحديث يقتضي أن عقيلا باعها ومفهومه أنه لو تكرها بغير بيع لنزلها. وحكى الفاكهي: أن الدار لم تزل بيد أولاد عقيل حتى باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار وكان علي بن الحسين يقول من أجل ذلك تركنا نصيبنا من الشعب، أي: حصة جدهم علي من أبيه أبي طالب "فكان".